responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 311
(وَصَحَّ لَوْ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ) أَيْ جَازَ أَدَاءُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ إذَا قَدَّمَهُ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ وَهُوَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ.
أَمَّا جَوَازُ التَّقْدِيمِ فَلِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ قَدْ وُجِدَ وَهُوَ رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ فَصَارَ كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ بَعْدَ وُجُودِ النِّصَابِ وَلَا تَفْصِيلَ فِيهِ بَيْنَ مُدَّةٍ وَمُدَّةٍ فِي الصَّحِيحِ وَعِنْدَ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا بَعْدَ دُخُولِ رَمَضَانَ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَلَا فِطْرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ وَقِيلَ يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ فِي الْعُشْرِ الْأَخِيرِ وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا أَصْلًا كَالْأُضْحِيَّةِ قُلْنَا الْأُضْحِيَّةَ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ فَلَا تَكُونُ عِبَادَةً إلَّا فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ وَأَمَّا جَوَازُ الْأَدَاءِ بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَالِيَّةٌ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى فَلَا تَسْقُطُ بَعْدَ الْوُجُوبِ إلَّا بِالْأَدَاءِ كَالزَّكَاةِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ يَوْمِ الْفِطْرِ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ اخْتَصَّتْ بِيَوْمِ الْعِيدِ فَتَسْقُطُ بِمُضِيِّهِ كَالْأُضْحِيَّةِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ قُلْنَا هِيَ قُرْبَةٌ مَعْقُولَةٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ كَالزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلَا تَكُونُ قُرْبَةً إلَّا فِي وَقْتِهَا.
وَإِذَا مَضَى وَقْتُهَا لَا تَسْقُطُ أَيْضًا وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى التَّصَدُّقِ بِهَا وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْرِجَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ بِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَأْكُلَ هُوَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَيُقَدِّمَ لِلْفَقِيرِ أَيْضًا لِيَأْكُلَ مِنْهَا قَبْلَهَا وَيَتَفَرَّغَ لِلصَّلَاةِ وَيَجِبُ دَفْعُ صَدَقَةِ فِطْرِ كُلِّ شَخْصٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ فَرَّقَهُ عَلَى مِسْكِينَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِغْنَاءُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَغْنَوْهُمْ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ» وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَصَارَ كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ هَذَا الْقِيَاسُ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَهَذَا لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ السَّبَبِ فَهُوَ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَسُقُوطُ مَا يُسْتَحَبُّ إذَا وَجَبَ بِفِعْلٍ قَبْلَ الْوُجُوبِ خِلَافُ الْقِيَاسِ فَلَا يَتِمُّ فِي مِثْلِهِ إلَّا السَّمْعُ وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ الْفِطْرِ إلَى أَنْ قَالَ وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ» وَهَذَا مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ بِإِذْنٍ سَابِقٍ فَإِنَّ الْإِسْقَاطَ قَبْلَ الْوُجُوبِ لَمَّا كَانَ مِمَّا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ لَمْ يَصْرِفْهُمْ لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَمَنْ سَقَطَ عَنْهُ الصَّوْمُ لِكِبَرٍ أَوْ عُذْرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالصَّوْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَتَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى مَنْ سَقَطَ عَنْهُ الصَّوْمُ بِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا) قَائِلُهُ نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ. اهـ. دِرَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا مَضَى وَقْتُهَا لَا تَسْقُطُ) قَالَ الْكَمَالُ وَمَا قِيلَ مِنْ مَنْعِ سُقُوطِ الْأُضْحِيَّةَ بَلْ يَنْتَقِلُ إلَى التَّصَدُّقِ بِهَا لَيْسَ بِشَيْءٍ إذْ لَا يَنْتَفِي بِذَلِكَ كَوْنُ نَفْسِ الْأُضْحِيَّةَ وَهُوَ إرَاقَةُ دَمٍ سُنَّ مُقَدَّرٍ قَدْ سَقَطَ وَهَذَا شَيْءٌ آخَرُ وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ سُقُوطُهَا بِبَادِئِ الرَّأْيِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُقَدَّمِ أَوَّلَ الْبَابِ حَيْثُ قَالَ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ لَكِنْ قَدْ يُرْفَعُ بِاتِّحَادِ مَرْجِعِ ضَمِيرِ أَدَّاهَا فِي الْمَرَّتَيْنِ إذْ يُفِيدُ أَنَّهَا هِيَ الْمُؤَدَّاةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ غَيْرَ أَنَّهُ نَقَصَ الثَّوَابَ فَصَارَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّدَقَاتِ عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَ ظَاهِرِهِ يُؤَدِّي إلَى سُقُوطِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ فِي بَاقِي الْيَوْمِ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلُهُ هُوَ مَصْرُوفٌ عَنْهُ عِنْدَهُ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْرِجَهَا إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَأَمَّا وَقْتُ أَدَائِهَا فَيَوْمُ الْفِطْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ وَبَعْدَهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَدَاءً وَيَجِبُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَا بِالِافْتِقَارِ بَعْدَ وُجُوبِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ) وَاَلَّذِي فِي خَطِّ الشَّارِحِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. اهـ. غَايَةٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَمَنْ أَدَّاهَا) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ وَإِنْ أَدَّاهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَيَجِبُ دَفْعُ صَدَقَةِ فِطْرِ كُلِّ شَخْصٍ إلَى مِسْكِينٍ إلَى آخِرِهِ) وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى أَيِّ عَدَدٍ شَاءَ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُعْطِيَ مِسْكِينًا وَاحِدًا لِأَنَّ مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِغْنَاءُ وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ إلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ جَازَ اهـ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي آخِرِ فَتَاوِيهِ رَجُلٌ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فَأَدَّى لِكُلِّ مِسْكِينٍ فَلْسًا وَجَمْعُ ذَلِكَ الْفُلُوسِ يَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ يَجُوزُ ذَلِكَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْعَلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَغْنُوهُمْ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ وَبِهَذَا لَا يَقَعُ الْغِنَى اهـ.
قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِغْنَاءِ لَا بِالْمَسْأَلَةِ يَعْنِي أَغْنَوْهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ قِيلَ الْمِثْلُ زَائِدٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفَائِدَتُهُ تَعْمِيمُ الْحُكْمِ إذْ لَوْ لَمْ يُذْكَرْ لَاقْتَصَرَ الْحُكْمُ عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ اهـ كَشْفٌ كَبِيرٌ فِي بَحْثِ الْقُدْرَةِ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ دَفْعُ صَدَقَةِ فِطْرِ كُلِّ شَخْصٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ) قَالَ فِي الْغَايَةِ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى مَا يَجِبُ عَنْ جَمَاعَةٍ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَمَا يَجِبُ عَنْ وَاحِدٍ لِمَسَاكِينَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ جَوَّزَهُ فِي الْفَصْلَيْنِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَفِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرُ الْكَرْخِيِّ مِنْ الْمَشَايِخِ لَمْ يُجَوِّزْ دَفْعَ مَا يَجِبُ لِوَاحِدٍ إلَى الْمَسَاكِينِ قَالُوا لِأَنَّ الْإِغْنَاءَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ اهـ وَعَلَى الْأَوَّلِ مَشَى فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ

اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 311
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست