responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 259
(بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ) الْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ الزَّكَاةُ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهَا بِالصَّدَقَةِ اقْتِدَاءً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] أَيْ الزَّكَاةُ وَالسَّوَائِمُ جَمْعُ سَائِمَةٍ يُقَالُ سَامَتْ الْمَاشِيَةُ سَوْمًا أَيْ رَعَتْ، وَأَسَامَهَا صَاحِبُهَا وَالْمُرَادُ الَّتِي تُسَامُ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ فَإِنْ أَسَامَهَا لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنْ أَسَامَهَا لِلْبَيْعِ وَالتِّجَارَةِ فَفِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ لَا زَكَاةُ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ قَدْرًا وَسَبَبًا فَلَا يُجْعَلُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ، وَلَا يُبْنَى حَوْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى حَوْلِ الْآخَرِ.
وَإِنَّمَا بَدَأَ بِالسَّوَائِمِ اقْتِدَاءً بِكُتُبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا كَانَتْ مُفْتَتَحَةً بِهَا؛ وَلِأَنَّهَا أَعَزُّ الْأَمْوَالِ عِنْدَ الْعَرَبِ فَكَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِهَا أَهَمَّ ثُمَّ قَدَّمَ مِنْهَا مَا هُوَ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (هِيَ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرَّعْيِ فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ) أَيْ السَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرَّعْيِ فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ حَتَّى لَوْ عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ لَا تَكُونُ سَائِمَةً حَتَّى لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِيهَا، وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ يُشْتَرَطُ الرَّعْيُ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ كَالنِّصَابِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْأَكْثَرِ، وَفِي بَعْضِهَا إنْ عَلَفَهَا بِقَدْرِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ أَنَّ مُؤْنَةَ عَلَفِهَا أَكْثَرُ مِمَّا لَوْ كَانَتْ سَائِمَةً فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْأَكْثَرِ كَمَا لَوْ كَانَ أَكْثَرُ النِّصَابِ سَائِمَةً، وَلَنَا أَنَّ اسْمَ السَّائِمَةِ لَا يَزُولُ بِالْعَلَفِ الْيَسِيرِ فَلَا يَمْنَعُ دُخُولَهَا فِي الْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ الْعَلَفِ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَقَدْ لَا يُوجَدُ الْمَرْعَى فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَدَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى الْعَلَفِ فِي بَعْضِ الْفُصُولِ فَلَوْ اُعْتُبِرَ الْيَسِيرُ مِنْهُ لَمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْضُ النِّصَابِ مَعْلُوفًا؛ لِأَنَّ النِّصَابَ بِوَصْفِ الْإِسَامَةِ عِلَّةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ فِي جَمِيعِهِ وَالْحَوْلُ شَرْطٌ فَيُكْتَفَى بِأَكْثَرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ، وَفِيمَا إذَا عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ وَقَعَ الشَّكُّ فِي السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا صَارَ سَبَبًا بِوَصْفِ الْإِسَامَةِ فَلَا يَجِبُ الْحُكْمُ مَعَ الشَّكِّ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَجِبُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إبِلًا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَفِيمَا دُونَهُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ، وَفِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ، وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ، وَفِي إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ) عَلَى هَذَا اتَّفَقَتْ الْآثَارُ وَاشْتَهَرَتْ كُتُبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسُ شِيَاهٍ، وَفِي سِتٍّ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ شَاذٌّ لَا يَكَادُ يَصِحُّ عَنْهُ حَتَّى قَالَ الثَّوْرِيُّ: هَذَا غَلَطٌ وَقَعَ مِنْ رِجَالِ عَلِيٍّ أَمَّا عَلِيٌّ فَإِنَّهُ أَفْقَهُ مِنْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ مُوَالَاةً بَيْنَ الْوَاجِبَيْنِ، وَلَا وَقَصَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ خِلَافُ أُصُولِ الزَّكَاةِ.
وَبِنْتُ الْمَخَاضِ هِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا تَكُونُ مَخَاضًا عَادَةً أَيْ حَامِلًا بِأُخْرَى وَيُسَمَّى وَجَعُ الْوِلَادَةِ مَخَاضًا أَيْضًا، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 23] وَبِنْتُ اللَّبُونِ هِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ سَمَّيْت بِهِ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا تَلِدُ أُخْرَى وَتَكُونُ ذَاتَ لَبَنٍ غَالِبًا وَالْحِقَّةُ هِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا حُقَّ لَهَا الْحَمْلُ وَالرُّكُوبُ أَوْ الضِّرَابُ وَالْجَذَعَةُ هِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الْخَامِسَةِ سُمِّيَتْ بِهِ لِمَعْنًى فِي أَسْنَانِهَا يَعْرِفُهُ أَرْبَابُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ الزَّكَاةُ) سُمِّيَتْ بِهَا لِدَلَالَتِهَا عَلَى صِدْقِ الْعَبْدِ فِي الْعُبُودِيَّةِ. اهـ. ع (قَوْلُهُ: لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ) أَيْ أَوْ التَّسْمِينِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: هِيَ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرَّعْيِ إلَى آخِرِهِ) الرِّعْيُ بِالْكَسْرِ الْكَلَأُ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَالْمَرْعَى الرِّعْيُ. اهـ. وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ اعْتَرَضَ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ تَفْسِيرُ السَّائِمَةِ الَّتِي فِيهَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ إذْ بَقِيَ قَيْدُ كَوْنِ ذَلِكَ لِغَرَضِ النَّسْلِ وَالدَّرِّ وَالتَّسْمِينِ، وَإِلَّا فَيَشْمَلُ الْإِسَامَةَ لِغَرَضِ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ، وَلَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ. اهـ. فَتْحُ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ: وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ) أَيْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. كَاكِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إبِلًا إلَى آخِرِهِ) أَرَادَ بِهِ الْفَرْضَ. اهـ. ع وَالْإِبِلُ اسْمُ جَمْعٍ كَالْغَنَمِ لَا وَاحِدَ لَهُمَا مِنْ لَفْظِهِمَا، وَهُمَا مُؤَنَّثَانِ وَلِهَذَا يُقَالُ فِي تَصْغِيرِهِمَا أُبَيْلَةٌ وَغُنَيْمَةٌ وَكَأَنَّ الْغَنَمَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ إذْ لَيْسَ لَهَا آلَةُ الدِّفَاعِ كَالْقَرْنِ وَالنَّابِ لِلثَّوْرِ وَالْبَعِيرِ. اهـ. دِرَايَةٌ قَوْلُهُ: غُنَيْمَةٌ أَيْ كَمَا يُقَالُ دُوَيْرَةٍ وَنُوَيْرَةُ. اهـ. قَالَ فِي الْغَايَةِ: وَالْإِبِلُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَيَجُوزُ تَسْكِينُ الْبَاءِ تَخْفِيفًا، وَهُوَ فِعْلٌ وَمِثْلُهُ بِلِزٌ فِي الصِّفَاتِ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْقَصِيرَةُ الْعَظِيمَةُ الْحَسَنَةُ قَالَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْحَاجِبِ: وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا وَذَكَرَ الْمَيْدَانِيُّ أَرْبَعَةً وَزَادَ عَلَيْهِمَا إطْلًا، وَهُوَ الْخَاصِرَةُ، وَإِبْدًا لِلْوَحْشِيَّةِ أَيْ وَالْوَلُودِ، وَهِيَ الَّتِي تَلِدُ كُلَّ عَامٍ قَالَ فِي الْمُمْتِعِ، وَفِيمَا زَعَمَ سِيبَوَيْهِ لَمْ يَأْتِ فِعْلٌ إلَّا إبِلٌ وَبِلْزٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الْأَشْهَرَ فِيهِ بِلِزٌّ بِالتَّشْدِيدِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَخْفِيفًا وَلَا حُجَّةَ فِي إطْلٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ إلَّا فِي الشِّعْرِ نَحْوُ قَوْلِ امْرِئِ الْقِيسِ لَهُ إطْلَا ظَبْيٍ وَسَاقَا نَعَامَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا أُتْبِعَتْ فِيهِ الطَّاءُ الْهَمْزَةَ لِلضَّرُورَةِ قَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ فِي الْمُمْتِعِ وَجَاءَ وَتَدٌ لُغَةً فِي الْوَتَدِ وَحِبِرٌ الْقَلَحُ عَلَى الْأَسْنَانِ، وَإِبِطٌ وَجَلْح وَحَلَبَ، وَهِيَ جِنْسٌ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ. اهـ. غَايَةٌ وَلَفْظُهَا مُؤَنَّثٌ تَقُولُ إبِلٌ سَائِمَةٌ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ) هِيَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي سِتٍّ، وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ إلَى آخِرِهِ) يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَشَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ذَكَرَهُ السَّفَاقِسِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ. اهـ غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَا وَقَصَ بَيْنَهُمَا إلَى آخِرِهِ) فَإِنَّ مَبْنَاهَا عَلَى أَنَّ الْوَقَصَ يَتْلُو الْوَاجِبَ وَالْوُجُوبُ يَتْلُو الْوَقَصَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَبِنْتُ الْمَخَاضِ هِيَ الَّتِي طَعَنَتْ إلَى آخِرِهِ) وَفِي الْيَنَابِيعِ بِنْتُ الْمَخَاضِ هِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَعِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ هِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ وَبِنْتُ لَبُونٍ هِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَعِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ هِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ إلَى آخِرِهَا، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ فِيمَا نُقِلَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ بِهِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْبَقَاءِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ: وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي مَا يُطْلَبُ مِنْهَا إلَّا بِضَرْبٍ مُكَلِّفٍ وَحَبْسٍ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِك جَذَعْت الدَّابَّةَ إذَا حَبَسْتهَا مِنْ غَيْرِ عَلَفٍ. اهـ. وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ الْمُعْتَبَرُ فِي سِنِّ الْإِبِلِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَسَطٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فِي السِّنِّ وَالْقِيمَةِ عَفْوٌ قُلْت يَعْنِي لِإِيجَابِ الشَّاةِ الْوَسَطِ، وَإِلَّا لَوْ لَمْ تَكُنْ

اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 259
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست