responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 229
فَقَالَ إنَّمَا هَذِهِ الْآيَاتُ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مِنْ الْمَكْتُوبَةِ»، وَقَدْ رَوَى الرَّكْعَتَيْنِ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَأَبُو بَكْرَةَ وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ وَالْأَخْذُ بِهَذَا أَوْلَى لِوُجُودِ الْأَمْرِ بِهِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفِعْلِ وَلِكَثْرَةِ رُوَاتِهِ وَصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ وَمُوَافَقَتِهِ الْأُصُولَ الْمَعْهُودَةَ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِيمَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ مَذْهَبَهُمَا خِلَافُ ذَلِكَ وَصَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ حِينَ كَانَ أَمِيرًا عَلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ وَالرَّاوِي إذَا كَانَ مَذْهَبُهُ خِلَافَ مَا رَوَى لَا يَبْقَى فِيمَا رَوَى حُجَّةٌ؛ وَلِأَنَّهُ رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ، وَأَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ وَخَمْسَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ وَسِتَّ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ وَثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ»، وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ فَكُلُّ جَوَابٍ لَهُ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الرُّكُوعَيْنِ فَهُوَ جَوَابٌ لَنَا عَمَّا زَادَ عَلَى رُكُوعٍ وَاحِدٍ.
وَتَأْوِيلُ مَا زَادَ عَلَى رُكُوعٍ وَاحِدٌ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - طَوَّلَ الرُّكُوعَ فِيهَا فَإِنَّهُ عُرِضَ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَمَلَّ بَعْضُ الْقَوْمِ فَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ أَوْ ظَنُّوا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ أَوْ رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ عَلَى عَادَةِ الرُّكُوعِ الْمُعْتَادِ فَوَجَدُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِعًا فَرَكَعُوا ثُمَّ فَعَلُوا ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَكَذَلِكَ فَفَعَلَ مَنْ خَلْفَهُمْ كَذَلِكَ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ رَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى مَا، وَقَعَ فِي ظَنِّهِ، وَمِثْلُ هَذَا الِاشْتِبَاهِ قَدْ يَقَعُ لِمَنْ كَانَ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ فَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي صَفِّ النِّسَاءِ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي صَفِّ الصِّبْيَانِ وَاَلَّذِي يَدُلُّك عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ إلَّا مَرَّةً فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ ثَابِتًا فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ مِنْ الرُّوَاةِ لِلِاشْتِبَاهِ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: «إنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ لِيَخْتَبِرَ حَالَ الشَّمْسِ هَلْ انْجَلَتْ أَمْ لَا» فَظَنَّهُ بَعْضُهُمْ رُكُوعًا فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَهُ فَلَا يُعَارِضُ مَا رَوَيْنَا مَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (بِلَا جَهْرٍ) أَيْ بِلَا جَهْرٍ بِالْقِرَاءَةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجْهَرُ فِيهَا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا»، وَلَهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ» «وَحَكَى سَمُرَةُ صَلَاتَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَطُولَ قِيَامِهِ، وَقَالَ لَمْ نَسْمَعْ لَهُ صَوْتًا»، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا سَمِعْت لَهُ حَرْفًا وَحَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ جَهَرَ بِالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ لِيُعَلِّمَ أَنَّ فِيهَا الْقِرَاءَةَ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ «فَحَزَرْت قِرَاءَتَهُ أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلَوْ جَهَرَ سَمِعَتْ، وَمَا حَزَرَتْ» قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَخُطْبَةٍ) أَيْ بِلَا خُطْبَةٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - انْصَرَفَ، وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا» الْحَدِيثَ.
، وَلَنَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَمَرَ بِالصَّلَاةِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْخُطْبَةِ»، وَلَوْ كَانَتْ مَشْرُوعَةً لَبَيَّنَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ لِيَرُدَّهُمْ عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ لِمَوْتِ إبْرَاهِيمَ بْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ» وَاَلَّذِي يَدُلُّك عَلَى هَذَا أَنَّهَا أَخْبَرَتْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَطَبَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِإِظْهَارِ الشَّعَائِرِ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَصَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ أَجْزَأَهُمْ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ لِمَا مَرَّ. اهـ. بَدَائِعُ (قَوْلُهُ «كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا» إلَخْ) أَيْ، وَهِيَ الصُّبْحُ فَإِنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ كَانَ عِنْدَ ارْتِفَاعِهَا قَدْرَ رُمْحَيْنِ. اهـ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ صَلَّى ثَلَاثَ رُكُوعَاتٍ إلَخْ) الَّذِي، وَقَفْت عَلَيْهِ فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْمُحَقِّق قَارِئِ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَكَذَا وَلِأَنَّهُ رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ وَخَمْسَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ وَسِتَّ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ وَثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ». اهـ. وَقَدْ كَانَ فِي نُسْخَتِي كَذَلِكَ لَكِنِّي أَصْلَحْتهَا عَلَى مَا هُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّمْسِ الْغَزِّيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الثَّلَاثُ رَكَعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ»، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ كَسَفَتْ الشَّمْسُ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلُ ذَلِكَ. اهـ.
وَرَوَى النَّسَائِيّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَشْرَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ» قَالَ أَبُو عُمَرَ سَمَاعُ قَتَادَةَ مِنْ عَطَاءٍ عِنْدَهُمْ غَيْرُ صَحِيحٍ. اهـ. عَبْدُ الْحَقِّ وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ «انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِمْ فَقَرَأَ سُورَةً مِنْ الطِّوَالِ ثُمَّ رَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ الثَّانِيَةَ فَقَرَأَ سُورَةً مِنْ الطِّوَالِ ثُمَّ رَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ كَمَا هُوَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَدْعُو حَتَّى يَنْجَلِيَ كُسُوفُهَا». اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجْهَرُ فِيهَا إلَى آخِرِهِ)، وَفِي الْمُحِيطِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ مُضْطَرِبٌ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ. اهـ. وَفِي الْبَدَائِعِ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ مُضْطَرِبٌ ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ قَوْلُهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ لِيَرُدَّهُمْ عَنْ قَوْلِهِمْ إلَى آخِرِهِ)، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْكُسُوفَ يَكُونُ فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ أَوْ فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ فَكَسَفَتْ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي عَاشِرِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ عَشْرٍ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ. اهـ. ذَخَائِرُ الْعُقْبَى فِي مَنَاقِبِ ذَوِي الْقُرْبَى

اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 229
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست