responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 41
لَوْ قَالَ: تَصَدَّقْ بِهَا عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي ثُمَّ نَوَى الْآمِرُ عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ جَازَ؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْآمِرَ هُوَ الْمُؤَدِّي مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَإِنَّمَا الْمَأْمُورُ نَائِبٌ عَنْهُ وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ هَذِهِ الدَّارَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ نَوَى وَقْتَ الدُّخُولِ عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ لَا تَكُونُ زَكَاةً؛ لِأَنَّ عِنْدَ الدُّخُولِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالنَّذْرِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ الْيَمِينِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَلَوْ تَصَدَّقَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنْ تَصَدَّقَ بِمَالِ نَفْسِهِ جَازَتْ الصَّدَقَةُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا تَجُوزُ عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ أَجَازَهُ وَرَضِيَ بِهِ أَمَّا عَدَمُ الْجَوَازِ عَنْ غَيْرِهِ فَلِعَدَمِ التَّمْلِيكِ مِنْهُ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ فِي الْمُؤَدَّى وَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِجَازَةِ فَلَا تَقَعُ الصَّدَقَةُ عَنْهُ وَتَقَعُ عَنْ الْمُتَصَدِّقِ؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ وُجِدَ نَفَاذًا عَلَيْهِ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِمَالِ الْمُتَصَدَّقِ عَنْهُ وُقِفَ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ أَجَازَ وَالْمَالُ قَائِمٌ جَازَ عَنْ الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ هَالِكًا جَازَ عَنْ التَّطَوُّعِ وَلَمْ يَجُزْ عَنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَصَدَّقَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَهَلَكَ الْمَالُ صَارَ بَدَلُهُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَوْ جَازَ ذَلِكَ عَنْ الزَّكَاةِ كَانَ أَدَاءُ الدَّيْنِ عَنْ الْغَيْرِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا وَقْتُ النِّيَّةِ فَقَدْ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ وَلَا تُجْزِئُ الزَّكَاةُ عَمَّنْ أَخْرَجَهَا إلَّا بِنِيَّةٍ مُخَالِطَةٍ لِإِخْرَاجِهِ إيَّاهَا كَمَا قَالَ فِي بَابِ الصَّلَاةِ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ إلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِلْأَدَاءِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ وَقْتَ التَّصَدُّقِ بِحَالٍ لَوْ سُئِلَ عَنْ مَاذَا يَتَصَدَّقُ؟ أَمْكَنَهُ الْجَوَابُ مِنْ غَيْرِ فِكْرَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ نِيَّةً مِنْهُ وَتُجْزِئُهُ كَمَا قَالَ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ النِّيَّةَ تُعْتَبَرُ فِي أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ إمَّا عِنْدَ الدَّفْعِ وَإِمَّا عِنْدَ التَّمْيِيزِ هَكَذَا رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ نَوَى أَنَّ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ إلَى آخِرِ السَّنَةِ فَهُوَ عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَجَعَلَ يَتَصَدَّقُ إلَى آخِرِ السَّنَةِ وَلَا تَحْضُرُهُ النِّيَّةُ قَالَ: لَا تُجْزِئُهُ وَإِنْ مَيَّزَ زَكَاةَ مَالِهِ فَصَرَّهَا فِي كُمِّهِ وَقَالَ: هَذِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فَجَعَلَ يَتَصَدَّقُ وَلَا تَحْضُرُهُ النِّيَّةُ قَالَ: أَرْجُو أَنْ تُجْزِئَهُ عَنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ لَمْ تُوجَدْ النِّيَّةُ فِي الْوَقْتَيْنِ وَفِي الثَّانِي وُجِدَ فِي أَحَدِهِمَا وَهُوَ وَقْتُ التَّمْيِيزِ وَإِنَّمَا لَمْ تُشْتَرَطْ فِي وَقْتِ الدَّفْعِ عَيْنًا؛ لِأَنَّ دَفْعَ الزَّكَاةِ قَدْ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَقَدْ يَقَعُ مُتَفَرِّقًا، وَفِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلِّ دَفْعٍ مَعَ تَفْرِيقِ الدَّفْعِ حَرَجٌ وَالْحَرَجُ مَدْفُوعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُؤَدِّي]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُؤَدِّي فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَالًا مُتَقَوِّمًا عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ كَانَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ أَوْ لَا مِنْ جِنْسِ الْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ.
وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَالٍ يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِهِ تَطَوُّعًا يَجُوزُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ مِنْهُ وَمَا لَا فَلَا وَهَذَا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ وَقَدْ مَضَتْ الْمَسْأَلَةُ غَيْرَ أَنَّ الْمُؤَدَّى يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَدْرُ وَالصِّفَةُ فِي بَعْضِ الْأَمْوَالِ وَفِي بَعْضِهَا الْقَدْرُ دُونَ الصِّفَةِ وَفِي بَعْضِهَا الصِّفَةُ دُونَ الْقَدْرِ وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ اتِّفَاقٌ وَفِي بَعْضِهَا اخْتِلَافٌ.
وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ مَالَ الزَّكَاةِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ دَيْنًا، وَالْعَيْنُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مِمَّا لَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ.
فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا فَإِنْ كَانَ مِنْ السَّوَائِمِ فَإِنْ أَدَّى الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ مِنْ الشَّاةِ وَبِنْتِ الْمَخَاضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُرَاعَى فِيهِ صِفَةُ الْوَاجِبِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَسَطًا فَلَا يَجُوزُ الرَّدِيءُ إلَّا عَلَى طَرِيقِ التَّقْوِيمِ فَبِقَدْرِ قِيمَتِهِ وَعَلَيْهِ التَّكْمِيلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ وَلَوْ أَدَّى الْجَيِّدَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْوَاجِبَ وَزِيَادَةً.
وَإِنْ أَدَّى الْقِيمَةَ أَدَّى قِيمَةَ الْوَسَطِ فَإِنْ أَدَّى قِيمَةَ الرَّدِيءِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِقَدْرِ قِيمَتِهِ وَعَلَيْهِ التَّكْمِيلُ.
وَلَوْ أَدَّى شَاةً وَاحِدَةً سَمِينَةً عَنْ شَاتَيْنِ وَسَطَيْنِ تَعْدِلُ قِيمَتُهَا قِيمَةَ شَاتَيْنِ وَسَطَيْنِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَيْسَ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا وَالْجُودَةُ فِي غَيْرِ أَمْوَالِ الرِّبَا مُتَقَوِّمَةٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ شَاةٍ بِشَاتَيْنِ؟ فَبِقَدْرِ الْوَسَطِ يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَبِقَدْرِ قِيمَةِ الْجَوْدَةِ يَقَعُ عَنْ شَاةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَإِنْ أَدَّى مِنْ النِّصَابِ رُبُعَ عُشْرِهِ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ النِّصَابُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْوَاجِبَ بِكَمَالِهِ وَإِنْ أَدَّى مِنْ غَيْرِ النِّصَابِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ يُرَاعَى فِيهِ صِفَةُ الْوَاجِبِ مِنْ الْجَيِّدِ وَالْوَسَطِ وَالرَّدِيءِ وَلَوْ أَدَّى الرَّدِيءَ مَكَانَ الْجَيِّدِ وَالْوَسَطِ لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى طَرِيقِ التَّقْوِيمِ بِقَدْرِهِ وَعَلَيْهِ التَّكْمِيلُ؛ لِأَنَّ الْعُرُوضَ لَيْسَتْ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُ ثَوْبٍ بِثَوْبَيْنِ فَكَانَتْ الْجَوْدَةُ فِيهَا مُتَقَوِّمَةً؛ وَلِهَذَا لَوْ أَدَّى ثَوْبًا جَيِّدًا عَنْ ثَوْبَيْنِ رَدِيئَيْنِ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ يُرَاعَى فِيهِ قِيمَةُ الْوَاجِبِ حَتَّى لَوْ أَدَّى أَنْقَصَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِقَدْرِهِ وَإِنْ كَانَ مَالُ الزَّكَاةِ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا مِنْ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ فَإِنْ أَدَّى رُبُعَ عُشْرِ النِّصَابِ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَدَّى مِنْ غَيْرِ النِّصَابِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ النِّصَابِ وَإِمَّا أَنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُؤَدَّى مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ بِأَنْ أَدَّى الذَّهَبَ عَنْ الْفِضَّةِ أَوْ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست