responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 340
النِّكَاحِ، وَلَا يَمْنَعُ الْبَقَاءَ كَالْعِدَّةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ هُوَ الْمِلْكُ مِنْ.
وَجْهٍ، فَكَانَ مِلْكُهُ فِيهَا ثَابِتًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَالنِّكَاحُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا يَقَعُ الشَّكُّ فِي انْعِقَادِهِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِالشَّكِّ، وَإِذَا كَانَ مُنْعَقِدًا يَقَعُ الشَّكُّ فِي زَوَالِهِ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ عَلَى الْأَصْلِ الْمَعْهُودِ أَنَّ غَيْرَ الثَّابِتِ بِيَقِينٍ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ، وَالثَّابِتُ بِيَقِينٍ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ لِهَذَا الْمَعْنَى مَنَعَتْ الْعِدَّةُ مِنْ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، وَلَمْ تَمْنَعْ الْبَقَاءَ كَذَا هَذَا، وَقَالُوا فِيمَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ، ثُمَّ مَاتَ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَعْجِزَ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُورَثُ عِنْدَنَا، فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ فِي الْمُكَاتَبِ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الْمِلْكِ، وَأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ النِّكَاحِ، وَعِنْدَهُ يُورَثُ، فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهَا فِي زَوْجِهَا، فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ (وَجْهُ) قَوْلِهِ أَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُورَثِ فِي أَمْلَاكِهِ، فَيَثْبُتُ لَهُ مَا كَانَ ثَابِتًا لِلْمُورَثِ، وَمِلْكُهُ فِي الْمُكَاتَبِ كَانَ ثَابِتًا لَهُ، فَيَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ، فَيَصِيرُ مَمْلُوكًا لَهُ، فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ.
(وَلَنَا) أَنَّ الْحَاجَةَ مَسَّتْ إلَى إبْقَاءِ مِلْكِ الْمَيِّتِ فِي الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ أَوْجَبَ لَهُ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ لِلْحَالِ عَلَى وَجْهٍ يُصَيِّرُ ذَلِكَ الْحَقَّ حَقِيقَةً عِنْدَ الْأَدَاءِ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ مِنْ قِبَلِهِ، فَلَوْ نَقَلْنَا الْمِلْكَ مِنْ الْمَيِّتِ إلَى الْوَارِثِ لَتَعَذَّرَ إثْبَاتُ حَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ عِنْدَ الْأَدَاءِ لِانْعِدَامِ تَعْلِيقِ الْحُرِّيَّةِ مِنْهُ بِالْأَدَاءِ، فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى اسْتِيفَاءِ مِلْكِ الْمَيِّتِ فِيهِ لَأَجْلِ الْحَقِّ الْمُسْتَحَقِّ لِلْمُكَاتَبِ، فَيَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ حَقِيقَةً لِلْوَارِثِ، وَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الْمِلْكِ لِوُجُودِ سَبَبِ الثُّبُوتِ، وَهُوَ الْقَرَابَةُ، وَشَرْطُهُ، وَهُوَ الْمَوْتُ، وَحَقُّ الْمِلْكِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ، وَلَا يَمْنَعُ الْبَقَاءَ لِمَا ذَكَرْنَا إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ ثَبَتَ الْمِلْكُ حَقِيقَةً لِلْوَارِثِ، فَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ، وَأَمَّا مُعْتَقُ الْبَعْضِ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يَبْطُلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُعْتَقَ الْبَعْضِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا حُرٌّ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْهَا الرَّضَاعُ الطَّارِئُ عَلَى النِّكَاحِ كَمَنْ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً، فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ بَانَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتًا لَهُ مِنْ جِهَةِ الرَّضَاعِ.
وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَ صَبِيَّتَيْنِ رَضِيعَتَيْنِ، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ، فَأَرْضَعَتْهُمَا بَانَتَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَحُرْمَةُ الْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعِ يَسْتَوِي فِيهَا السَّابِقُ وَالطَّارِئُ.
وَكَذَا حُرْمَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّضَاعِ الْمُقَارَنِ وَالطَّارِئِ مِنْ الْمَسَائِلِ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ.

وَمِنْهَا الْمُصَاهَرَةُ الطَّارِئَةُ بِأَنْ وَطِئَ أُمَّ امْرَأَتِهِ أَوْ ابْنَتَهَا، وَالْفُرْقَةُ بِهَا فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهَا حُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ كَحُرْمَةِ الرَّضَاعِ، وَالْفُرَقُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي بَعْضِهَا الْخَلَاصُ، وَأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْبَائِنِ، وَفِي بَعْضِهَا الْمَحَلُّ لَيْسَ بِقَابِلٍ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ، فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 340
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست