responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 32
فَهَلَكَتْ الْمُسِنَّةُ وَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَى الْحُمْلَانِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا، وَعِنْدَ زُفَرَ تَجِبُ مُسِنَّةٌ، هَذَا إذَا كَانَ الْكُلُّ صِغَارًا فَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَتْ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَكَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَبِيرًا فَإِنَّ الصِّغَارَ تُعَدُّ وَيَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي الْكِبَارِ وَهُوَ الْمُسِنَّةُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «وَتُعَدُّ صِغَارُهَا وَكِبَارُهَا» .
وَرُوِيَ أَنَّ النَّاسَ شَكَوْا إلَى عُمَرَ عَامِلَهُ وَقَالُوا: إنَّهُ يَعُدُّ عَلَيْنَا السَّخْلَةَ وَلَا يَأْخُذُهَا مِنَّا، فَقَالَ عُمَرُ: أَلَيْسَ يَتْرُكُ لَكُمْ الرُّبَّى وَالْمَاخِضَ وَالْأَكِيلَةَ وَفَحْلَ الْغَنَمِ؟ ثُمَّ قَالَ: عُدَّهَا وَلَوْ رَاحَ بِهَا الرَّاعِي عَلَى كَفِّهِ وَلَا تَأْخُذْهَا مِنْهُمْ، وَلِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُخْتَلِطَةً بِالْكِبَارِ أَوْ كَانَ فِيهَا كَبِيرٌ دَخَلَتْ تَحْتَ اسْمِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَتَدْخُلُ تَحْتَ عُمُومِ النُّصُوصِ فَيَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي الْكِبَارِ، وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهَا مُسِنَّةٌ كَانَتْ تَبَعًا لِلْمُسِنَّةِ فَيُعْتَبَرُ الْأَصْلُ دُونَ التَّبَعِ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْهَا مُسِنَّةً فَهَلَكَتْ الْمُسِنَّةُ بَعْدَ الْحَوْلِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ فِي الصِّغَارِ وَزَكَاتُهَا بِقَدْرِهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ حُمْلَانًا يَجِبُ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ الْحَمَلِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الصِّغَارِ لِأَجْلِ الْكِبَارِ تَبَعًا لَهَا فَكَانَتْ أَصْلًا فِي الزَّكَاةِ فَهَلَاكُهَا كَهَلَاكِ الْجَمِيعِ، وَعِنْدَهُ الصِّغَارُ أَصْلٌ فِي النِّصَابِ.
وَالْوَاجِبُ وَاحِدٌ مِنْهَا، وَإِنَّمَا الْفَصْلُ عَلَى الْحَمَلِ الْوَاحِدِ بِاعْتِبَارِ الْمُسِنَّةِ فَهَلَاكُهَا يُسْقِطُ الْفَصْلَ لَا أَصْلَ الْوَاجِبِ.
وَلَوْ هَلَكَتْ الْحُمْلَانُ وَبَقِيَتْ الْمُسِنَّةُ يُؤْخَذُ قِسْطُهَا مِنْ الزَّكَاةِ وَذَلِكَ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ الْمُسِنَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُسِنَّةَ كَانَتْ سَبَبَ زَكَاةِ نَفْسِهَا وَزَكَاةُ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ سِوَاهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ الْفَرِيضَةِ كَانَتْ فِيهَا لَكِنْ أَعْطَى الصِّغَارَ حُكْمَ الْكِبَارِ تَبَعًا لَهَا فَصَارَتْ الصِّغَارُ كَأَنَّهَا كِبَارٌ فَإِذَا هَلَكَتْ الْحُمْلَانُ هَلَكَتْ بِقِسْطِهَا مِنْ الْفَرِيضَةِ وَبَقِيَتْ الْمُسِنَّةُ بِقِسْطِهَا مِنْ الْفَرِيضَةِ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ الْأَصْلُ حَالُ اخْتِلَاطِ الصِّغَارِ بِالْكِبَارِ أَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الصِّغَارِ تَبَعًا لِلْكِبَارِ إذَا كَانَ الْعَدَدُ الْوَاجِبُ فِي الْكِبَارِ مَوْجُودًا فِي الصِّغَارِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَدَدُ الْوَاجِبِ فِي الْكِبَارِ كُلُّهُ مَوْجُودًا فِي الصِّغَارِ فَإِنَّهَا تَجِبُ بِقَدْرِ الْمَوْجُودِ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ بَيَانُ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ مُسِنَّتَانِ وَمِائَةٌ وَتِسْعَةَ عَشْرَ حَمَلًا يَجِبُ فِيهَا مُسِنَّتَانِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ عَدَدَ الْوَاجِبِ مَوْجُودٌ فِيهِ.
وَإِنْ كَانَ لَهُ مُسِنَّةٌ وَاحِدَةٌ وَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ حَمَلًا أُخِذَتْ تِلْكَ الْمُسِنَّةُ لَا غَيْرَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُؤْخَذُ الْمُسِنَّةُ وَحَمَلٌ وَكَذَلِكَ سِتُّونَ مِنْ الْعَجَاجِيلُ فِيهَا تَبِيعٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يُؤْخَذُ التَّبِيعُ لَا غَيْرَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُؤْخَذُ التَّبِيعُ وَعُجُولٌ وَكَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسَبْعُونَ مِنْ الْفُصْلَانِ فِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أَنَّهَا تُؤْخَذُ فَحَسْبُ فِي قَوْلِهِمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُؤْخَذُ بِنْتُ لَبُونٍ وَفَصِيلٌ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّغَارِ أَصْلًا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ مِقْدَارُ الْوَاجِبِ فِي السَّوَائِمِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا مِقْدَارُ الْوَاجِبِ فِي السَّوَائِمِ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَيَانِ مِقْدَارِ نِصَابِ السَّوَائِمِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَهُوَ الْأَسْنَانُ الْمَعْرُوفَةُ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَبِنْتِ اللَّبُونِ، وَالْحِقَّةُ وَالْجَذَعَةُ، وَالتَّبِيعُ، وَالْمُسِنَّةُ، وَالشَّاةُ وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ مَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ فَبِنْتُ الْمَخَاضِ هِيَ الَّتِي تَمَّتْ لَهَا سَنَةٌ وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا صَارَتْ حَامِلًا بِوَلَدٍ آخَرَ بَعْدَهَا، وَالْمَاخِضُ اسْمٌ لِلْحَامِلِ مِنْ النُّوقِ وَبِنْتُ اللَّبُونِ هِيَ الَّتِي تَمَّتْ لَهَا سَنَتَانِ وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا حَمَلَتْ بَعْدَهَا وَوَلَدَتْ فَصَارَتْ ذَاتِ لَبَنٍ وَاللَّبُونُ هِيَ ذَاتُ اللَّبَنِ.
وَالْحِقَّةُ هِيَ الَّتِي تَمَّتْ لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ وَطَعَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ إمَّا لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحَمْلَ وَالرُّكُوبَ أَوْ لِاسْتِحْقَاقِهَا الضِّرَابَ.
وَالْجَذَعَةُ هِيَ الَّتِي تَمَّتْ لَهَا أَرْبَعُ سِنِينَ وَطَعَنَتْ فِي الْخَامِسَةِ وَلَا اشْتِقَاقَ لِاسْمِهَا، وَالذُّكُورُ مِنْهَا ابْنُ مَخَاضٍ وَابْنُ لَبُونٍ وَحِقٌّ وَجَذَعٌ وَوَرَاءَ هَذِهِ أَسْنَانٌ مِنْ الْإِبِلِ مِنْ الثَّنِيِّ وَالسَّدِيسِ وَالْبَازِلِ لَكِنْ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي بَابِ الزَّكَاةِ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ مَعَانِيهَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَالتَّبِيعُ الَّذِي تَمَّ لَهُ حَوْلٌ وَدَخَلَ فِي الثَّانِي وَالْأُنْثَى مِنْهُ التَّبِيعَةُ.
وَالْمُسِنَّةُ الَّتِي تَمَّتْ لَهَا سَنَتَانِ وَطَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ وَالذَّكَرُ مِنْهُ الْمُسِنُّ.
وَأَمَّا الشَّاةُ فَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا الثَّنِيَّ فَصَاعِدًا وَالثَّنِيُّ مِنْ الشَّاةِ هِيَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ يَقْتَضِي أَنْ يَجُوزَ أَخْذُ الْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيِّ مِنْ الْمَعْزِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ إلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ يَجُوزُ فِي الْأُضْحِيَّةِ.
وَقَوْلُ الطَّحَاوِيِّ يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْحَسَنِ، وَالْجَذَعُ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست