responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 287
دِينَارٍ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْعَقْدِ، وَالْمَهْرُ اسْمٌ لِلْمَذْكُورِ فِي الْعَقْدِ لِمَا بَيَّنَّا فَيُعْتَبَرُ الْمَذْكُورُ وَلَا تُعْتَبَرُ الْمُوَاضَعَةُ السَّابِقَةُ (وَجْهُ) ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ مَا تَوَاضَعَا عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَلْفُ لَمْ يَذْكُرَاهُ فِي الْعَقْدِ، وَمَا ذَكَرَاهُ وَهُوَ الْمِائَةُ دِينَارٍ مَا تَوَاضَعَا عَلَيْهِ فَلَمْ تُوجَدْ التَّسْمِيَةُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا لَمْ يَتَعَاقَدَا فِي السِّرِّ وَالْبَاطِنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمَهْرِ قَدْرٌ أَوْ جِنْسٌ ثُمَّ يَتَعَاقَدَا عَلَى مَا تَوَاضَعَا وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ.
فَأَمَّا إذَا تَعَاقَدَا فِي السِّرِّ عَلَى قَدْرٍ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ جِنْسٍ مِنْهُ ثُمَّ اتَّفَقَا وَتَوَاضَعَا فِي السِّرِّ عَلَى أَنْ يُظْهِرَا فِي عَقْدِ الْعَلَانِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ جِنْسًا آخَرَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا فِي الْمُوَاضَعَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ ذَلِكَ سُمْعَةٌ، فَالْمَهْرُ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْعَلَانِيَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى الْمَهْرِ الْأَوَّلِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، فَجَمِيعُهُ يَكُونُ زِيَادَةً عَلَى الْمَهْرِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ فَقَدْرُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَهْرِ الْأَوَّلِ يَكُونُ زِيَادَةً.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: الْمَهْرُ مَهْرُ السِّرِّ (وَجْهُ) قَوْلِهِ: أَنَّ الْمَهْرَ مَا يَكُونُ مَذْكُورًا فِي الْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَالْإِقَالَةَ؛ فَالثَّانِي لَا يَرْفَعُ الْأَوَّلَ فَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي عَقْدًا فِي الْحَقِيقَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْمَذْكُورُ عِنْدَهُ، فَكَانَ الْمَهْرُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ.
(وَجْهُ) قَوْلِهِمَا: أَنَّهُمَا قَصَدَا شَيْئَيْنِ اسْتِئْنَافُ الْعَقْدِ وَزِيَادَةٍ فِي الْمَهْرِ، وَاسْتِئْنَافُ الْعَقْدِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَالزِّيَادَةُ صَحِيحَةٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ زَادَ أَلْفًا أُخْرَى أَوْ مِائَةَ دِينَارٍ، وَإِنْ ذَكَرَا فِي الْمُوَاضَعَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ أَوْ الْجِنْسَ الْآخَرَ سُمْعَةٌ، فَالْمَهْرُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُمَا هَزَلَا بِهِ حَيْثُ جَعَلَاهُ سُمْعَةً، وَالْهَزْلُ يَعْمَلُ فِي الْمَهْرِ فَيُبْطِلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ صَحِيحًا]
(فَصْلٌ) :
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ صَحِيحًا فَلَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ حَتَّى لَا يَلْزَمَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِنِكَاحٍ لِمَا نَذْكُرُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الدُّخُولُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَكِنْ بِالْوَطْءِ لَا بِالْعَقْدِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي مَوْضِعِهِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَلَهَا الْجَارِيَةُ وَمَا فِي بَطْنِهَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْجَارِيَةِ مَهْرًا قَدْ صَحَّتْ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مَعْلُومٌ وَاسْتِثْنَاءُ مَا فِي بَطْنِهَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا فَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ يَتَنَاوَلُهُ فَاسْتِثْنَاؤُهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطٍ فَاسِدٍ، وَالنِّكَاحُ لَا يَحْتَمِلُ شَرْطًا فَاسِدًا فَيَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ وَيَلْتَحِقُ بِالْعَدَمِ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ رَأْسًا، وَكَذَلِكَ إذَا وَهَبَ جَارِيَةً وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا أَوْ خَالَعَ أَوْ صَالَحَ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا تُبْطِلُهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى جَارِيَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ وَهَلَكَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَهَا قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ قَدْ صَحَّتْ لِكَوْنِ الْمُسَمَّى مَالًا مُتَقَوِّمًا مَعْلُومًا فَالْعَقْدُ انْعَقَدَ مُوجِبَ التَّسْلِيمَ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهَا فَتَجِبُ قِيمَتُهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ الْبَائِعُ قِيمَتَهُ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الْمَبِيعِ يُوجِبُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ، وَإِذَا بَطَلَ الْبَيْعُ لَمْ يَبْقَ وُجُوبُ التَّسْلِيمِ، فَلَا تَجِبُ الْقِيمَةُ ثُمَّ تَفْسِيرُ مَهْرِ الْمِثْلِ هُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ مَهْرَهَا بِمَهْرِ مِثْلِ نِسَائِهَا مِنْ أَخَوَاتِهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا أَوْ لِأَبِيهَا وَعَمَّاتِهَا وَبَنَاتِ أَعْمَامِهَا فِي بَلَدِهَا وَعَصْرِهَا عَلَى مَالِهَا وَجَمَالِهَا وَسِنِّهَا وَعَقْلِهَا وَدِينِهَا؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَكَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ وَالسِّنِّ وَالْعَقْلِ وَالدِّينِ فَيَزْدَادُ مَهْرُ الْمَرْأَةِ؛ لِزِيَادَةِ مَالِهَا وَجَمَالِهَا وَعَقْلِهَا وَدِينِهَا وَحَدَاثَةِ سِنِّهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِيَكُونَ الْوَاجِبُ لَهَا مَهْرَ مِثْلِ نِسَائِهَا إذْ لَا يَكُونُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِدُونِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُعْتَبَرُ مَهْرُهَا بِمَهْرِ أُمِّهَا وَلَا بِمَهْرِ خَالَتِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ قَبِيلَتِهَا مِنْ بَنَاتِ أَعْمَامِهَا؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَخْتَلِفُ بِشَرَفِ النَّسَبِ، وَالنَّسَبُ مِنْ الْآبَاءِ لَا مِنْ الْأُمَّهَاتِ فَإِنَّمَا يَحْصُلُ لَهَا شَرَفُ النَّسَبِ مِنْ قَبِيلِ أَبِيهَا أَوْ قَبِيلَتِهِ لَا مِنْ قِبَلِ أُمِّهَا وَعَشِيرَتِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ بَيَانُ مَا يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا بَيَانُ مَا يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ وَبَيَانُ وَقْتِ وُجُوبِهِ وَكَيْفِيَّةِ وُجُوبِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ فَنَقُولُ: وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ يَجِبُ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ إحْدَاثُ الْمِلْكِ، وَالْمَهْرُ يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ إحْدَاثِ الْمِلْكِ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَهُوَ مُعَاوَضَةُ الْبُضْعِ بِالْمَهْرِ فَيَقْتَضِي وُجُوبَ الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَهْرُ مَفْرُوضًا

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 287
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست