responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 282
الْإِعْتَاقِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْإِعْتَاقِ فَمَا لَمْ يُعْتِقْ لَا يَعْتِقْ بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الزَّوَاجَ هُنَاكَ كَانَ عَلَى الْعِتْقِ لَا عَلَى الْإِعْتَاقِ ثُمَّ إذَا أَعْتَقَهُ فَعَتَقَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ ذَكَرَ كَلِمَةً عَنْهَا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَذْكُرْ ثَبَتَ الْوَلَاءُ مِنْهُ لَا مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ مِنْهُ لَا مِنْهَا، وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَهْرٌ آخَرُ مُسَمًّى وَهُوَ مَالٌ، وَإِنْ كَانَ فَلَهَا ذَلِكَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ لَيْسَ بِمَالٍ، بَلْ هُوَ إبْطَالُ الْمَالِيَّةِ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ أَجْنَبِيًّا أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا، وَإِنْ ذَكَرَ كَلِمَةً عَنْهَا ثَبَتَ الْوَلَاءُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ مِنْهَا لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْهَا، وَيَصِيرُ الْعَبْدُ مِلْكًا لَهَا بِمُقْتَضَى الْإِعْتَاقِ، ثُمَّ إنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا عَتَقَ عَلَيْهَا كَمَا مَلَكَتْهُ فَتَمْلِكُهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا يَصِيرُ الزَّوْجُ وَكِيلًا عَنْهَا فِي الْإِعْتَاقِ، وَمِنْهَا إذَا أَعْتَقَ كَمَا وَعَدَ فَإِنْ أَبَى لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَالِكٌ إلَّا أَنَّهُ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مُسَمًّى هُوَ مَالٌ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ تَسْمِيَةَ الْإِعْتَاقِ مَهْرًا لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يُوجَدْ تَسْمِيَةُ شَيْءٍ آخَرَ هُوَ مَالٌ فَتَعَيَّنَ مَهْرُ الْمِثْلِ مُوجَبًا.
وَإِنْ كَانَ قَدْ سَمَّى لَهَا شَيْئًا آخَرَ هُوَ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى مِثْلَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهَا ذَلِكَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ رَضِيَ بِالزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَجْنَبِيًّا فَلَهَا ذَلِكَ الْمُسَمَّى لَا غَيْرَ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ لَهَا شَرْطًا لَا مَنْفَعَةَ لَهَا فِيهِ فَلَا يَكُونُ غَارًّا لَهَا بِتَرْكِ الْوَفَاءِ بِمَا شَرَطَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا يَبْلُغُ بِهِ تَمَامَ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا رَضِيَتْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا شَرَطَ وَلَمْ تَكُنْ رَاضِيَةً فَصَارَ غَارًّا لَهَا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَقُلْ عَنْهَا فَأَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ عَنْهَا فَقَبِلَتْ صَحَّ النِّكَاحُ، وَصَارَ الْعَبْدُ مِلْكًا ثُمَّ إنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا عَتَقَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا وَكَانَ ذَلِكَ مَهْرًا لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُهُ ثُمَّ يَعْتِقُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا يَكُونُ الزَّوْجُ وَكِيلًا عَنْهَا بِالْإِعْتَاقِ، فَإِنْ أَعْتَقَ قَبْلَ الْعَزْلِ فَقَدْ وَقَعَ الْعِتْقُ عَنْهَا، وَإِنْ عَزَلَتْهُ فِي ذَلِكَ صَحَّ الْعَزْلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ أَنْ لَا يَكُونَ مَجْهُولًا جَهَالَةً تَزِيدُ عَلَى جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ]
(فَصْلٌ) :
وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَجْهُولًا جَهَالَةً تَزِيدُ عَلَى جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ.
وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ الْمَهْرَ فِي الْأَصْلِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا مُشَارًا إلَيْهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسَمًّى غَيْرَ مُعَيَّنٍ مُشَارًا إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا مُشَارًا إلَيْهِ صَحَّتْ تَسْمِيَتُهُ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَسَائِرِ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ كَالدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَا جَهَالَةَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ وَيَدْفَعَ غَيْرَهَا مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ قَدْ تَعَيَّنَ لِلْعَقْدِ فَتَعَلَّقَ حَقُّهَا بِالْعَيْنِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ عَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ وَيَدْفَعَ مِثْلَهُ جِنْسًا وَنَوْعًا وَقَدْرًا وَصِفَةً؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إذَا لَمْ يَصِحَّ صَارَ مَجَازًا عِوَضًا مِنْ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ تِبْرًا مَجْهُولًا أَوْ نُقْرَةً ذَهَبًا وَفِضَّةً يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ عَيْنِهِ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالْعُرُوضِ وَلَا يُجْبَرُ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالْمَضْرُوبِ
وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى غَيْرَ عَيْنٍ فَالْمُسَمَّى لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا كَالْحَيَوَانِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَالدَّارِ بِأَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى حَيَوَانٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ دَارٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ.
وَلِلْمَرْأَةِ مَهْرُ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْجِنْسِ مُتَفَاحِشَةٌ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ اسْمُ جِنْسٍ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَتَحْتَ كُلِّ نَوْعٍ أَشْخَاصٌ مُخْتَلِفَةٌ.
وَكَذَا الدَّابَّةُ وَكَذَا الثَّوْبُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الثَّوْبِ يَقَعُ عَلَى ثَوْبِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْحَرِيرِ وَالْخَزِّ وَالْبَزِّ، وَتَحْتَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ مُخْتَلِفَةٌ.
وَكَذَا الدَّارُ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَالْهَيْئَةِ وَالتَّقْطِيعِ، وَتَخْتَلِفُ قِيمَتُهَا بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْمَحَالِّ وَالسِّكَكِ اخْتِلَافًا فَاحِشًا فَتَفَاحَشَتْ الْجَهَالَةُ فَالْتَحَقَتْ بِجَهَالَةِ الْجِنْسِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ جَهَالَةَ الْعِوَضِ تَمْنَعُ صِحَّةَ تَسْمِيَتِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لِكَوْنِهَا مُفْضِيَةً إلَى الْمُنَازَعَةِ إلَّا أَنَّهُ يُتَحَمَّلُ ضَرْبٌ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْمَهْرِ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ قَدْ يَجِبُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ مَجْهُولٌ ضَرْبًا مِنْ، الْجَهَالَةِ فَكُلُّ جَهَالَةٍ فِي الْمُسَمَّى مَهْرًا مِثْلُ جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ يَتَحَمَّلُ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْمِيَةِ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 282
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست