responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 259
تَثْبُتُ بِالدُّخُولِ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْعَقْدُ عَلَى الْبِنْتِ سَبَبُ الدُّخُولُ بِهَا، وَالسَّبَبُ يَقُومُ مَقَامَ الْمُسَبِّبِ فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ، وَلِهَذَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فِي مَنْكُوحَةِ الْأَبِ وَحَلِيلَةِ الِابْنِ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُحَرَّمَ الرَّبِيبَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ إلَّا أَنَّ شَرْطَ الدُّخُولِ هُنَاكَ عَرَفْنَاهُ بِالنَّصِّ فَبَقِيَ الْحُكْمُ فِي الْآيَةِ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ.
(وَأَمَّا) قَوْلُهُمْ: إنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ فِي آخِرِ كَلِمَاتٍ مَعْطُوفٌ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَالِاسْتِثْنَاءَ بِمَشِيئَةِ اللَّه تَعَالَى مُلْحَقٌ بِالْكُلِّ فَنَقُولُ: هَذَا الْأَصْلُ مُسَلَّمٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالشَّرْطِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فَأَمَّا فِي الصِّفَةِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمَذْكُورِ فِي آخِرِ الْكَلَامِ فَمَمْنُوعٌ، بَلْ يُقْتَصَرُ عَلَى مَا يَلِيهِ فَإِنَّكَ تَقُولُ: جَاءَنِي زَيْدٌ وَمُحَمَّدٌ الْعَالِمُ فَتَقْتَصِرُ صِفَةِ الْعِلْمِ عَلَى الَّذِي يَلِيهِ دُونَ زَيْدٍ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] وَصَفَ إيَّاهُنَّ بِالدُّخُولِ بِهِنَّ لَا شَرَطَ، مَنْ ادَّعَى إلْحَاقَ الْوَصْفِ بِالشَّرْطِ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ فَيَلْحَقُ الْكُلَّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا يَلِيه فَلَا يُلْحَقُ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ، وَإِذَا وَقَعَ الشَّكُّ وَالشُّبْهَةُ فِيهِ، فَالْقَوْلُ لِمَا فِيهِ الْحُرْمَةُ أَوْلَى احْتِيَاطًا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ إنْ كَانَتْ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ لَكِنَّ اللَّفْظَ مَتَى قُرِنَ بِهِ شَرْطٌ أَوْ صِفَةٌ لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ يَقْتَضِي وُجُودَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ إمَّا لَا يَقْتَضِي عَدَمَهُ عِنْدَ عَدَمِهِ، بَلْ عَدَمُهُ وَوُجُودُهُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَالصِّفَةِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى قِيَامِ الدَّلِيلِ وَفِي نَفْسِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] وَلَوْ كَانَ التَّقْيِيدُ بِالْوَصْفِ نَافِيًا الْحُكْمَ فِي غَيْرِ الْمَوْصُوفِ لَكَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ كَافِيًا، وَنَحْنُ نَقُولُ بِحُرْمَةِ الْأُمِّ عِنْدَ الدُّخُولِ بِالرَّبِيبَةِ وَبِحُرْمَةِ الرَّبِيبَةِ عِنْدَ الدُّخُولِ بِالْأُمِّ بِظَاهِرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَلَيْسَ فِيهَا نَفْيُ الْحُرْمَةِ عِنْدَ عَدَمِ الدُّخُولِ وَلَا إثْبَاتُهَا فَيَقِفُ عَلَى قِيَامِ الدَّلِيلِ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى حُرْمَةِ الْأُمِّ بِدُونِ الدُّخُولِ بِبِنْتِهَا وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا فَتَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَلَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ عَلَى حُرْمَةِ الرَّبِيبَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْأُمِّ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ - وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا جَدَّاتُ الزَّوْجَةِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا وَأُمِّهَا فَإِنَّهَا عُرِفَتْ حُرْمَتُهُنَّ بِالْإِجْمَاعِ وَلِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى فِي الْأُمَّهَاتِ لَا بِعَيْنِ النَّصِّ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ اشْتِمَالَ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ عِنْدَ عَدَمِ التَّنَافِي بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ إنَّمَا تُحَرَّمُ الزَّوْجَةُ وَجَدَّاتُهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ إذَا كَانَ صَحِيحًا فَأَمَّا إذَا كَانَ فَاسِدًا فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْوَطْءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْمَسِّ عَنْ شَهْوَةٍ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ عَنْ شَهْوَةٍ عَلَى مَا نَذْكُرُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى الزَّوْجِ أُمَّ زَوْجَتِهِ مُضَافًا إلَيْهِ، وَالْإِضَافَةُ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ إلَّا بِهِ - وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ -.

[فَصْلٌ الْمُحَرَّمَاتُ بِالْمُصَاهَرَةِ بِنْتُ الزَّوْجَةِ وَبَنَاتُهَا وَإِنْ سَفَلْنَ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ: فَبِنْتُ الزَّوْجَةِ وَبَنَاتُهَا وَبَنَاتُ بَنَاتِهَا وَبَنِيهَا وَإِنْ سَفَلْنَ.
أَمَّا بِنْتُ زَوْجَتِهِ فَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ بِنَصِّ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ إذَا كَانَ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا تُحَرَّمُ لِقَوْلِهِ: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِنْتُ زَوْجَتِهِ فِي حِجْرِهِ أَوْ لَا عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي حِجْرِهِ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصًّا لِظَاهِرِ الْآيَةِ، قَوْله تَعَالَى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِنْتَ الزَّوْجَةِ، وَبِوَصْفِ كَوْنِهَا فِي حِجْرِ زَوْجٍ فَيَتَقَيَّدُ التَّحْرِيمُ بِهَذَا الْوَصْفِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا أَضَافَهَا إلَى الزَّوْجَةِ يُقَيِّدُ التَّحْرِيمَ بِهِ حَتَّى لَا يُحَرَّمُ عَلَى رَبِيبَتِهِ غَيْرُ الزَّوْجَةِ كَذَا هَذَا، وَلَنَا أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى حُكْمِ الْمَوْصُوفِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي غَيْرِ الْمَوْصُوفِ بِخِلَافِهِ، إذْ التَّنْصِيصُ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ فَتَثْبُتُ حُرْمَةُ بِنْتِ زَوْجَةِ الرَّجُلِ الَّتِي دَخَلَ بِأُمِّهَا وَهِيَ فِي حِجْرِهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ تَثْبُتُ حُرْمَتُهَا بِدَلِيلٍ آخَرَ وَهُوَ كَوْنُ نِكَاحِهَا مُفْضِيًا إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِجْرِهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْحِجْرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عُرْفَ النَّاسِ وَعَادَتَهُمْ أَنَّ الرَّبِيبَةَ تَكُونُ فِي حِجْرِ زَوْجِ أُمِّهَا عَادَةً فَأَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء: 31] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: 3] وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا بَنَاتُ بَنَاتِ الرَّبِيبَةِ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 259
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست