responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 24
الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى غَيْرَ أَنَّ الشَّرْعَ أَثْبَتَ لَهُ وِلَايَةَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ إمَّا تَيْسِيرًا عَلَيْهِ وَإِمَّا نَقْلًا لِلْحَقِّ.
وَالتَّيْسِيرُ لَهُ فِي الْأَدَاءِ دُونَ الْوَاجِبِ.
وَكَذَا الْحَاجَةُ إلَى نَقْلِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إلَى مُطْلَقِ الْمَالِ وَقْتَ الْأَدَاءِ إلَى الْفَقِيرِ فَبَقِيَ الْوَاجِبُ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ فِي الذِّمَّةِ عَيْنُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَجُزْءُ النِّصَابِ، ثُمَّ عِنْدَ الْأَدَاءِ يُنْقَلُ ذَلِكَ إلَى الْقِيمَةِ فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ النَّقْلِ كَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ أَنَّهُ يُضَمَّنُ الْمَغْرُورُ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ يَوْمَ التَّضْمِينِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ عُلِّقَ حُرُّ الْأَصْلِ فَفِي حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ جُعِلَ مَمْلُوكًا لَهُ لِحُصُولِهِ عَنْ مَمْلُوكَتِهِ وَإِنَّمَا يُنْقَلُ عَنْهُ حَقُّهُ إلَى الْقِيمَةِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فَكَذَا هَهُنَا وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: الْوَاجِبُ هُوَ الْجُزْءُ مِنْ النِّصَاب، غَيْرَ أَنَّ وُجُوبَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُطْلَقُ الْمَالِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جُزْءٌ مِنْ النِّصَابِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَدَاءُ الشَّاةِ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُزْءًا مِنْهَا، وَالتَّعَلُّقُ بِكَوْنِهِ جُزْءٌ لِلتَّيْسِيرِ لَا لِلتَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ مِنْهُ أَيْسَرُ فِي الْأَغْلَبِ حَتَّى أَنَّ الْأَدَاءَ مِنْ غَيْرِ الْجُزْءِ لَوْ كَانَ أَيْسَرَ مَالَ إلَيْهِ وَعِنْدَ مَيْلِهِ إلَيْهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ هُوَ الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ مُطْلَقُ الْمَالِ وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ.
وَكَذَا الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ مَعْلُولٌ بِمُطْلَقِ الْمَالِ، وَالتَّعَلُّقُ بِهِ لِلتَّيْسِيرِ بِدَلِيلِ جَوَازِ أَدَاءِ الْوَاحِدِ مِنْ الْخَمْسِ، وَالنَّاقَةِ الْكَوْمَاءِ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ فَكَانَ الْوَاجِبُ عِنْدَ الْحَوْلِ رُبْعُ الْعُشْرِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ، وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْوُجُوبِ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّغَيُّرُ بِسَبَبِ نُقْصَانِ السِّعْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ.
وَأَمَّا فِي السَّوَائِمِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْوُجُوبِ كَمَا فِي مَالِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْ النِّصَابِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ فِي جَمِيعِ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَوْمَ الْأَدَاءِ كَمَا قَالَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ ثَمَّةَ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ صُورَةً وَمَعْنًى وَلَكِنْ يَجُوزُ إقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي مَالِ الزَّكَاةِ إذَا كَانَ جَارِيَةً تُسَاوِي مِائَتَيْنِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَغَيُّرِ السِّعْرِ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ وَلِلْمَسْأَلَةِ فُرُوعٌ تُعْرَفُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْجَامِعِ هَذَا إذَا هَلَكَ النِّصَابُ بَعْدَ الْحَوْلِ.

فَأَمَّا إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ الْمَالِكُ فَهَلْ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ؟ عِنْدَنَا يَجُوزُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَصْلِنَا أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الزَّكَاةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا جَائِزٌ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ بَاعَ نِصَابَ الزَّكَاةِ جَازَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ عِنْدَنَا.
وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَلَا يَجُوزُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ قَوْلًا وَاحِدًا.
وَلَهُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ الزَّكَاةِ قَوْلَانِ.
وَجْهِ قَوْلِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْ النِّصَابِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلَائِلِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ وُجُوبُهُ حَقًّا لِلْعَبْدِ كَمَا يَقُولُ أَوْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا يَقُولُونَ وَكُلُّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَلَنَا أَنَّ الزَّكَاةَ اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَهُوَ إخْرَاجُ الْمَالِ إلَى اللَّهِ وَقَبْلَ الْإِخْرَاجِ لَا حَقَّ فِي الْمَالِ حَتَّى يَمْنَعَ نَفَاذَ الْبَيْعِ فِيهِ فَيَنْفُذُ كَالْعَبْدِ إذَا جَنَى جِنَايَةً فَبَاعَهُ الْمَوْلَى فَيَنْفُذُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ هُوَ فِعْلُ الدَّفْعِ فَكَانَ الْمَحَلُّ خَالِيًا عَنْ الْحَقِّ قَبْلَ الْفِعْلِ فَنَفَذَ الْبَيْعُ فِيهِ كَذَا هَذَا.
وَإِذَا جَازَ التَّصَرُّفُ فِي النِّصَابِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ عِنْدَنَا فَإِذَا تَصَرَّفَ الْمَالِكُ فِيهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ اسْتِبْدَالًا بِمِثْلِهِ لَا يَضْمَنُ الزَّكَاةَ وَيَنْتَقِلُ الْوَاجِبُ إلَيْهِ يَبْقَى بِبَقَائِهِ وَيَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ، وَإِنْ كَانَ اسْتِهْلَاكًا يَضْمَنُ الزَّكَاةَ وَيَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ.
بَيَانُ ذَلِكَ إذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ وَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فَأَخْرَجَهُ الْمَالِكُ عَنْ مِلْكِهِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ بِعَرَضِ التِّجَارَةِ فَبَاعَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ لَا يَضْمَنُ الزَّكَاةَ؛ لِأَنَّهُ مَا أَتْلَفَ الْوَاجِبَ بَلْ نَقَلَهُ مِنْ مَحَلِّ إلَى مَحَلِّ مِثْلِهِ إذْ الْمُعْتَبَرُ فِي مَالِ التِّجَارَةِ هُوَ الْمَعْنَى وَهُوَ الْمَالِيَّةُ لَا الصُّورَةُ فَكَانَ الْأَوَّلُ قَائِمًا مَعْنًى فَيَبْقَى الْوَاجِبُ بِبَقَائِهِ وَيَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ.
وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ وَحَابَى بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَجُعِلَ عَفْوًا وَلِهَذَا جُعِلَ عَفْوًا فِي بَيْعِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَإِنْ حَابَى بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ يَضْمَنُ قَدْرَ زَكَاةِ الْمُحَابَاةِ وَيَكُونُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَزَكَاةُ مَا بَقِيَ يَتَحَوَّلُ إلَى الْعَيْنِ يَبْقَى بِبَقَائِهَا وَيَسْقُطُ بِهَلَاكِهَا.
وَلَوْ أَخْرَجَ مَالَ الزَّكَاةِ عَنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَصْلًا بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مِنْ غَيْرِ الْفَقِيرِ وَالْوَصِيَّةِ، أَوْ بِعِوَضٍ لَيْسَ بِمَالٍ بِأَنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهِ امْرَأَةً، أَوْ صَالَحَ بِهِ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ، أَوْ اخْتَلَعَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ يَضْمَنُ الزَّكَاةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْمَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ إتْلَافٌ لَهُ.
وَكَذَا بِعِوَضٍ لَيْسَ بِمَالٍ.
وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَهُ بِعِوَضٍ هُوَ مَالٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَالِ الزَّكَاةِ بِأَنْ بَاعَهُ بِعَبْدِ الْخِدْمَةِ أَوْ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ سَوَاءٌ بَقِيَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ أَوْ هَلَكَ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ الْمَعْنَى الَّذِي صَارَ الْمَالُ بِهِ مَالَ الزَّكَاةِ فَكَانَ اسْتِهْلَاكُهُ فِي حَقِّ الزَّكَاةِ.
وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ بِهِ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ، وَإِنْ كَانَتْ مَالًا فِي نَفْسِهَا لَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بَقَاءَ لَهَا وَكَذَا لَوْ صَرَفَ مَالَ الزَّكَاةِ إلَى حَوَائِجِهِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الِاسْتِهْلَاكِ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست