responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 235
فَوَقَعَ الشَّكُّ وَالِاحْتِمَالُ فِي ثُبُوتِ الْإِجَازَةِ، فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ: طَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً تَمْلِكُ الرَّجْعَةَ؛ فَهُوَ إجَازَةٌ لِارْتِفَاعِ التَّرْدَادِ إذْ لَا رَجْعَةَ فِي الْمُتَارَكَةِ لِلنِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ وَفَسْخِهِ وَأَمَّا الضَّرُورَةُ فَنَحْوُ: أَنْ يُعْتِقَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ فَيَكُونُ الْإِعْتَاقُ إجَازَةً.
وَلَوْ أَذِنَ بِالنِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ الْإِذْنُ بِالنِّكَاحِ إجَازَةً.
وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْعَلْ الْإِعْتَاقُ إجَازَةً لَكَانَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَبْطُلَ بِالنِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ وَإِمَّا أَنْ يَبْقَى مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ صَدَرَ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحِلِّ فَلَا يَبْطُلُ إلَّا بِإِبْطَالِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِبْطَالِ؛ وَلَا سَبِيلَ إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ.
فَأَمَّا إنْ بَقِيَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى أَوْ عَلَى إجَازَةِ الْعَبْدِ لَا وَجْهَ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِجَازَةِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْمِلْكِ وَقَدْ زَالَ بِالْإِعْتَاقِ، وَلَا وَجْهَ لِلثَّانِيَّ لِأَنَّ الْعَقْدَ وُجِدَ مِنْ الْعَبْدِ فَكَيْف يَقِفُ عَقْدُ الْإِنْسَانِ عَلَى إجَازَتِهِ.
وَإِذَا بَطَلَتْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ وَلَيْسَ هَهُنَا قِسْمٌ آخَرُ لَزِمَ أَنْ يُجْعَلَ الْإِعْتَاقُ إجَازَةً ضَرُورَةً وَهَذِهِ الضَّرُورَةُ لَمْ تُوجَدْ فِي الْإِذْنِ بِالنِّكَاحِ، وَلِلثَّانِي أَنَّ امْتِنَاعَ النَّفَاذِ مَعَ صُدُورِ التَّصَرُّفِ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحِلِّ لِقِيَامِ حَقِّ الْمَوْلَى - وَهُوَ الْمِلْكُ - نَظَرًا لَهُ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، وَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ بِالْإِعْتَاقِ فَزَالَ الْمَانِعُ مِنْ النُّفُوذِ، وَالْإِذْنُ بِالتَّزَوُّجِ لَا يُوجِبُ زَوَالَ الْمَانِعِ - وَهُوَ الْمِلْكُ - لَكِنَّهُ بِالْإِذْنِ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي النِّكَاحِ كَأَنَّهُ هُوَ، ثُمَّ ثُبُوتُ وِلَايَةِ الْإِجَازَةِ لَهُ لَمْ تَكُنْ إجَازَةً مَا لَمْ يُجِزْ، فَكَذَا الْعَبْدُ، ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ نَفْسُ الْإِذْنِ مِنْ الْمَوْلَى بِالنِّكَاحِ إجَازَةً لِذَلِكَ الْعَقْدِ؛ فَإِنْ أَجَازَهُ الْعَبْدُ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ.
وَإِنْ أَجَازَهُ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهُ مَأْذُونٌ بِالْعَقْدِ، وَالْإِجَازَةُ مَعَ الْعَقْدِ مُتَغَايِرَانِ اسْمًا وَصُورَةً وَشَرْطًا أَمَّا الِاسْمُ وَالصُّورَةُ: فَلَا شَكَّ فِي تَغَايُرِهِمَا.
وَأَمَّا الشَّرْطُ فَإِنَّ مَحِلَّ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، وَمَحِلُّ الْإِجَازَةِ نَفْسُ الْعَقْدِ.
وَكَذَا الشَّهَادَةُ شَرْطُ الْعَقْدِ لَا شَرْطُ الْإِجَازَةِ، وَالْإِذْنُ بِأَحَدِ الْمُتَغَايِرَيْنِ لَا يَكُونُ إذْنًا بِالْآخَرِ.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعَبْدَ أَتَى بِبَعْضِ مَا هُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَكَانَ مُتَصَرِّفًا عَنْ إذْنٍ، فَيَجُوزُ تَصَرُّفُهُ، وَدَلَالَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَوْلَى أَذِنَ لَهُ بِعَقْدٍ نَافِذٍ فَكَانَ مَأْذُونًا بِتَحْصِيلِ أَصْلِ الْعَقْدِ وَوَصْفِهِ - وَهُوَ النَّفَاذُ - وَقَدْ حَصَلَ النَّفَاذُ فَيَحْصُلُ، وَلِهَذَا لَوْ زَوَّجَ فُضُولِيٌّ هَذَا الْعَبْدَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَأَجَازَ الْعَبْدُ نَفَذَ الْعَقْدُ دَلَّ أَنَّ تَنْفِيذَ الْعَقْدِ بِالْإِجَازَةِ مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى فَيَنْفُذُ بِإِجَازَتِهِ، ثُمَّ إذَا نَفَذَ النِّكَاحُ بِالْإِعْتَاقِ وَهِيَ أَمَةٌ فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ نَفَذَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَالْإِعْتَاقُ لَمْ يُصَادِفْهَا وَهِيَ مَنْكُوحَةٌ، وَالْمَهْرُ لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْإِعْتَاقِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْإِعْتَاقِ فَالْمَهْرُ لِلْمَوْلَى، هَذَا إذَا أَعْتَقَهَا وَهِيَ كَبِيرَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً فَأَعْتَقَهَا فَإِنَّ الْإِعْتَاقَ لَا يَكُونُ إجَازَةً.
وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ عِنْدَ زُفَرَ.
وَعِنْدَنَا يَبْقَى مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَصَبَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْعَصَبَةِ، وَيَجُوزُ بِإِجَازَةِ الْعَصَبَةِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُجِيزُ غَيْرَ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَلَهَا خِيَارُ الْإِدْرَاكِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ نَفَذَ عَلَيْهَا فِي حَالَةِ الصِّغَرِ، وَهِيَ حُرَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُجِيزُ أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا.
وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَإِنْ وَرِثَهَا مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بَطَلَ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ النَّافِذَ قَدْ طَرَأَ عَلَى الْمَوْقُوفِ لِوُجُودِ سَبَبِ الْحِلِّ - وَهُوَ الْمِلْكُ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] وَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْحِلِّ لَهُ ارْتِفَاعُ الْمَوْقُوفِ، وَإِنْ وَرِثَهَا مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِأَنْ كَانَ الْوَارِثُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَقَدْ وَطِئَهَا أَبُوهُ، أَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ، أَوْ وَرِثَهَا جَمَاعَةٌ، فَلِلْوَارِثِ الْإِجَازَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ طَرَيَان الْحِلِّ فَبَقِيَ الْمَوْقُوفُ عَلَى حَالِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهَا الْمَوْلَى قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْوَارِثِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِيمَنْ تَزَوَّجَ جَارِيَةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَوَطِئَهَا ثُمَّ بَاعَهَا الْمَوْلَى مِنْ رَجُلٍ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْإِجَازَةَ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الزَّوْجِ يَمْنَعُ حِلَّ الْوَطْءِ لِلْمُشْتَرِي.
وَأَمَّا الْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَمَاتَ الْوَلِيُّ أَوْ بَاعَهُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَلِلْوَارِثِ وَالْمُشْتَرِي الْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ حِلُّ الْوَطْءِ هَهُنَا فَلَمْ يُوجَدْ طَرَيَان حِلِّ الْوَطْءِ، فَبَقِيَ الْمَوْقُوفُ بِحَالِهِ.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ.
وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ وَالْمُشْتَرِي بَلْ يَبْطُلُ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْعَقْدَ الْمَوْقُوفَ عَلَى إجَازَةِ إنْسَانٍ يَحْتَمِلُ الْإِجَازَةَ مِنْ قِبَلِ غَيْرِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ لَا يَحْتَمِلُ.
وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الْإِجَازَةَ إنَّمَا تَلْحَقُ الْمَوْقُوفَ؛ لِأَنَّهَا تَنْفِيذُ الْمَوْقُوفِ فَإِنَّمَا تَلْحَقُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَقَفَ وَإِنَّمَا وَقَفَ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي، فَلَا يَمْلِكُ الثَّانِي تَنْفِيذَهُ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 235
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست