responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 21
أَوْ يُوزَنُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ تَعَلَّقَ بِالْمَعْنَى وَهُوَ الْمَالِيَّةُ وَالْقِيمَةُ، وَهَذِهِ الْأَمْوَالُ كُلُّهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى جِنْسٌ وَاحِدٌ.
وَكَذَا يُضَمُّ بَعْضُ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ إلَى الْبَعْضِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ لِمَا قُلْنَا.
وَإِذَا كَانَ تَقْدِيرُ النِّصَابِ مِنْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ بِقِيمَتِهَا مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَهُوَ أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهَا مِقْدَارَ نِصَابٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْوِيمِ حَتَّى يُعْرَفَ مِقْدَارُ النِّصَابِ ثُمَّ بِمَاذَا تُقَوَّمُ؟ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ مُخْتَصَرَ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِأَوْفَى الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ حَتَّى إنَّهَا إذَا بَلَغَتْ بِالتَّقْوِيمِ بِالدَّرَاهِمِ نِصَابًا وَلَمْ تَبْلُغْ بِالدَّنَانِيرِ قُوِّمَتْ بِمَا تَبْلُغُ بِهِ النِّصَابَ.
وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْأَمَالِي أَنَّهُ يُقَوِّمُهَا بِأَنْفَعِ النَّقْدَيْنِ لِلْفُقَرَاءِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُقَوِّمُهَا بِمَا اشْتَرَاهَا بِهِ فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِالدَّرَاهِمِ قَوَّمَهَا بِالدَّرَاهِمِ وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِالدَّنَانِيرِ قَوَّمَهَا بِالدَّنَانِيرِ وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِهِمَا مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ لَمْ يَكُنْ اشْتَرَاهَا بِأَنْ كَانَ وُهِبَ لَهُ فَقَبِلَهُ يَنْوِي بِهِ التِّجَارَةَ قَوَّمَهَا بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقَوِّمُهَا بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ أَنَّهُ يُقَوِّمُهَا يَوْمَ حَالَ الْحَوْلُ إنْ شَاءَ بِالدَّرَاهِمِ وَإِنْ شَاءَ بِالدَّنَانِيرِ.
وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ التَّقْوِيمَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى يُعْتَبَرُ بِالتَّقْوِيمِ فِي حَقِّ الْعِبَادِ ثُمَّ إذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى تَقْوِيمِ شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَهْلَكِ يُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ فِي الْبَلْدَةِ كَذَا هَذَا.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُشْتَرَى بَدَلٌ وَحُكْمُ الْبَدَلِ يُعْتَبَرُ بِأَصْلِهِ فَإِذَا كَانَ مُشْتَرًى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَتَقْوِيمُهُ بِمَا هُوَ أَصْلُهُ أَوْلَى.
وَجْهُ رِوَايَةِ كِتَابِ الزَّكَاةِ أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ بِاعْتِبَارِ مَالِيَّتِهَا دُونَ أَعْيَانِهَا، وَالتَّقْوِيمُ لِمَعْرِفَةِ مِقْدَارِ الْمَالِيَّةِ وَالنَّقْدَانِ فِي ذَلِكَ سِيَّانِ فَكَانَ الْخِيَارُ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ يُقَوِّمُهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ.
أَلَا تَرَى أَنَّ فِي السَّوَائِمِ عِنْدَ الْكَثْرَةِ وَهِيَ مَا إذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ الْخِيَارَ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ إنْ شَاءَ أَدَّى أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَإِنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ؟ فَكَذَا هَذَا.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ وَإِنْ كَانَا فِي الثَّمَنِيَّةِ وَالتَّقْوِيمِ بِهِمَا سَوَاءٌ، لَكِنَّا رَجَّحْنَا أَحَدَهُمَا بِمُرَجِّحٍ وَهُوَ النَّظَرُ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ أَوْلَى أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالتَّقْوِيمِ بِأَحَدِهِمَا يَتِمُّ النِّصَابُ وَبِالْآخَرِ لَا فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِمَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ نَظَرًا لِلْفُقَرَاءِ وَاحْتِيَاطًا؟ كَذَا هَذَا.
وَمَشَايِخُنَا حَمَلُوا رِوَايَةَ كِتَابِ الزَّكَاةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَتَفَاوَتُ النَّفْعُ فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ بِالتَّقْوِيمِ بِأَيِّهِمَا كَانَ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ.
وَكَيْفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَوَّمَ بِأَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ الْغَالِبُ فِيهَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ مَعَ عُرُوضِ التِّجَارَةِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ فَإِنَّهُ يَضُمُّهَا إلَى الْعُرُوضِ وَيُقَوِّمُهُ جُمْلَةً؛ لِأَنَّ مَعْنَى التِّجَارَةِ يَشْمَلُ الْكُلَّ لَكِنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُضَمُّ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ إنْ شَاءَ قَوَّمَ الْعُرُوضَ وَضَمَّهَا إلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَضَمَّ قِيمَتَهُمَا إلَى قِيمَةِ أَعْيَانِ التِّجَارَةِ.
وَعِنْدَهُمَا يُضَمُّ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ فَتُقَوَّمُ الْعُرُوض فَيَضُمُّ قِيمَتَهَا إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنْ بَلَغَتْ الْجُمْلَةُ نِصَابًا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا.
وَلَا يُقَوَّمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ عِنْدَهُمَا أَصْلًا فِي بَابِ الزَّكَاةِ عَلَى مَا مَرَّ.

[فَصْلٌ صِفَةُ نِصَابِ التِّجَارَةِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا صِفَةُ هَذَا النِّصَابِ فَهِيَ أَنْ يَكُونَ مُعَدًّا لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ أَنْ يُمْسِكَهَا لِلتِّجَارَةِ وَذَلِكَ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ مُقَارَنَةً لِعَمَلِ التِّجَارَةِ لِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا إلَى نِيَّةِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلتِّجَارَةِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعْدَادِ الْعَبْدِ وَيُوجَدُ الْإِعْدَادُ مِنْهُ دَلَالَةً عَلَى مَا مَرَّ.

[فَصْلٌ مِقْدَارُ الْوَاجِبِ مِنْ نِصَابِ التِّجَارَةِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا مِقْدَارُ الْوَاجِبِ مِنْ هَذَا النِّصَابِ فَمَا هُوَ مِقْدَارُ الْوَاجِبِ مِنْ نِصَابِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَهُوَ رُبُعُ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ نِصَابَ مَالِ التِّجَارَةِ مُقَدَّرٌ بِقِيمَتِهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَكَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ مَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَهُوَ رُبُعُ الْعُشْرِ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هَاتُوا رُبُعَ عُشُورِ أَمْوَالِكُمْ» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ.

[فَصْلٌ صِفَةُ الْوَاجِبِ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا صِفَةُ الْوَاجِبِ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ فَالْوَاجِبُ فِيهَا رُبُعُ عُشْرِ الْعَيْنِ وَهُوَ النِّصَابُ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَالْوَاجِبُ فِيهَا أَحَدُ شَيْئَيْنِ.
أَمَّا الْعَيْنُ أَوْ الْقِيمَةُ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ عِنْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ إنْ شَاءَ أَخْرَجَ رُبُعَ عُشْرِ الْعَيْنِ وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ رُبُعَ عُشْرِ الْقِيمَةِ، وَبَنَوْا عَلَى بَعْضِ مَسَائِلِ الْجَامِعِ فِيمَنْ كَانَتْ لَهُ مِائَتَا قَفِيزٍ حِنْطَةً لِلتِّجَارَةِ قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا حَتَّى تَغَيَّرَ سِعْرُهَا إلَى النُّقْصَانِ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ إلَى الزِّيَادَةِ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهَا أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، إنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: وَإِنْ أَدَّى مِنْ عَيْنِهَا يُؤَدِّي خَمْسَةَ أَقْفِزَةٍ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ الْوَاجِبُ مِنْ الْأَصْلِ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 21
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست