responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 143
لَا إلَى بَدَلٍ» فَدَلَّ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِنَّ إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا جَازَ تَرْكُهُ لَا إلَى بَدَلٍ، وَهُوَ الدَّمُ فَأَمَّا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ، وَالْجَنَابَةِ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلْوُجُوبِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُمَا إزَالَةُ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عُذْرًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ شَرَائِطُ جَوَازِ طَوَاف الصَّدْر]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا شَرَائِطُ جَوَازِهِ فَمِنْهَا النِّيَّةُ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ النِّيَّةِ، فَأَمَّا تَعْيِينُ النِّيَّةِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ طَافَ بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ لَا يُعَيِّنُ شَيْئًا أَوْ نَوَى تَطَوُّعًا كَانَ لِلصَّدْرِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ تَعَيَّنَ لَهُ فَتَنْصَرِفُ مُطْلَقُ النِّيَّةِ إلَيْهِ كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ.
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ حَتَّى إذَا نَفَرَ فِي النَّفْرِ الْأَوَّلِ فَطَافَ طَوَافًا لَا يَنْوِي شَيْئًا أَوْ نَوَى تَطَوُّعًا أَوْ الصَّدْرَ: يَقَعُ عَنْ الزِّيَارَةِ لَا عَنْ الصَّدْرِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهُ طَوَافٌ، وَطَوَافُ الصَّدْرِ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ.
فَأَمَّا النَّفْرُ عَلَى فَوْرِ الطَّوَافِ فَلَيْسَ مِنْ شَرَائِطِ جَوَازِهِ حَتَّى لَوْ طَافَ لِلصَّدْرِ ثُمَّ تَشَاغَلَ بِمَكَّةَ بَعْدَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَوَافٌ آخَرُ، فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلِيَكُنْ آخِرُ عَهْدِهِ بِهِ الطَّوَافَ» فَقَدْ أَمَرَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَلَمَّا تَشَاغَلَ بَعْدَهُ لَمْ يَقَعْ الطَّوَافُ آخِرَ عَهْدِهِ بِهِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ إذْ لَمْ يَأْتِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ نُسُكًا لَا إقَامَةً، وَالطَّوَافُ آخِرُ مَنَاسِكِهِ بِالْبَيْتِ، وَإِنْ تَشَاغَلَ بِغَيْرِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ إذَا طَافَ لِلصَّدْرِ ثُمَّ أَقَامَ إلَى الْعِشَاءِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَطُوفَ طَوَافًا آخَرَ لِئَلَّا يَحُولَ بَيْنَ طَوَافِهِ وَبَيْنَ نَفْرِهِ حَائِلٌ.
وَكَذَا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِجَوَازِهِ فَيَجُوزُ طَوَافُهُ إذَا كَانَ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا وَيُعْتَدُّ بِهِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعِيدَ طَاهِرًا، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ جَازَ، وَعَلَيْهِ شَاةٌ إنْ كَانَ جُنُبًا؛ لِأَنَّ النَّقْصَ كَثِيرٌ فَيُجْبَرُ بِالشَّاةِ كَمَا لَوْ تَرَكَ أَكْثَرَ الْأَشْوَاطِ، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: فِي رِوَايَةٍ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ يَسِيرٌ فَصَارَ كَشَوْطٍ أَوْ شَوْطَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَلَيْهِ شَاةٌ؛ لِأَنَّهُ طَوَافٌ وَاجِبٌ فَأَشْبَهَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ، وَكَذَا سَتْرُ عَوْرَتِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْجَوَازِ حَتَّى لَوْ طَافَ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ قَدْرَ مَا لَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ جَازَ، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ.
وَكَذَا الطَّهَارَةُ عَنْ النَّجَاسَةِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرْنَا فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ قَدْرُ وَكَيْفِيَّةُ طَوَاف الصَّدْر]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا قَدْرُهُ، وَكَيْفِيَّتُهُ فَمِثْلُ سَائِرِ الْأَطْوِفَةِ، وَنَذْكُرُ السُّنَنَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهِ فِي بَيَانِ سُنَنِ الْحَجِّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[فَصْلٌ وَقْتُ طَوَاف الصَّدْر]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا وَقْتُهُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الصَّدْرِ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يَنْفِرَ، وَهَذَا بَيَانُ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ لَا بَيَانُ أَصْلِ الْوَقْتِ، وَيَجُوزُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، وَبَعْدَهَا، وَيَكُونُ أَدَاءً لَا قَضَاءً حَتَّى لَوْ طَافَ طَوَافَ الصَّدْرِ ثُمَّ أَطَالَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ، وَلَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بِهَا، وَلَمْ يَتَّخِذْهَا دَارًا جَازَ طَوَافُهُ، وَإِنْ أَقَامَ سَنَةً بَعْدَ الطَّوَافِ إلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَكُونَ طَوَافُهُ عِنْدَ الصَّدْرِ لِمَا قُلْنَا، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ بِالْإِجْمَاعِ.

[فَصْلٌ مَكَانُ طَوَاف الصَّدْر]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا مَكَانُهُ فَحَوْلَ الْبَيْتِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلْيَكُنْ آخِرَ عَهْدِهِ بِهِ الطَّوَافُ» ، وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ هُوَ الطَّوَافُ حَوْلَهُ، فَإِنْ نَفَرَ وَلَمْ يَطُفْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ، وَيَطُوفَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ طَوَافًا وَاجِبًا، وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْحَاجَةِ إلَى تَجْدِيدِ الْإِحْرَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ، وَيَأْتِيَ بِهِ، وَإِنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إلَّا بِالْتِزَامِ عُمْرَةٍ بِالْتِزَامِ إحْرَامِهَا ثُمَّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَمْضِيَ مَضَى، وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ رَجَعَ، وَإِذَا رَجَعَ يَبْتَدِئُ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ ثُمَّ بِطَوَافِ الصَّدْرِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِهِ عَنْ مَكَانِهِ، وَقَالُوا الْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ، وَيُرِيقُ دَمًا مَكَانَ الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ، وَأَيْسَرُ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ مَشَقَّةِ السَّفَرِ، وَضَرَرِ الْتِزَامِ الْإِحْرَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ بَيَانُ سُنَنِ الْحَجِّ وَبَيَانُ التَّرْتِيبِ فِي أَفْعَالِهِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا بَيَانُ سُنَنِ الْحَجِّ وَبَيَانُ التَّرْتِيبِ فِي أَفْعَالِهِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ اغْتَسَلَ أَوْ تَوَضَّأَ، وَالْغُسْلُ أَفْضَلُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَلَغَ ذَا الْحُلَيْفَةِ اغْتَسَلَ لِإِحْرَامِهِ» ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، وَالْمَرْأَةُ طَاهِرَةٌ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَوْ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إقَامَةِ هَذِهِ السُّنَّةِ النَّظَافَةُ فَيَسْتَوِي فِيهَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَحَالُ طُهْرِ الْمَرْأَةِ، وَحَيْضُهَا، وَنِفَاسُهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا نَزَلَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 143
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست