responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 135
فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ بَعْدَ سِتَّةٍ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى يُتِمَّ سَبْعَةً.

وَأَمَّا الطَّهَارَةُ عَنْ الْجَنَابَةِ، وَالْحَيْضِ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَيَجُوزُ سَعْيُ الْجُنُبِ، وَالْحَائِضِ بَعْدَ أَنْ كَانَ طَوَافُهُ بِالْبَيْتِ عَلَى الطَّهَارَةِ عَنْ الْجَنَابَةِ، وَالْحَيْضِ؛ لِأَنَّ هَذَا نُسُكٌ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالْبَيْتِ فَلَا تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ، كَالْوُقُوفِ، إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الطَّوَافُ عَلَى الطَّهَارَةِ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ وَمِنْ تَوَابِعِهِ، وَالطَّوَافُ مَعَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ حَتَّى تَجِبَ إعَادَتُهُ فَكَذَا السَّعْيُ الَّذِي هُوَ مِنْ تَوَابِعِهِ وَمُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ طَوَافُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثَيْنِ فَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ جَوَازِهِ فَجَازَ، وَجَازَ سَعْيُ الْجُنُبِ، وَالْحَائِضِ تَبَعًا لَهُ لِوُجُودِ شَرْطِ جَوَازِ الْأَصْلِ؛ إذْ التَّبَعُ لَا يُفْرَدُ بِالشَّرْطِ بَلْ يَكْفِيه شَرْطُ الْأَصْلِ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ حُصُولَ الطَّوَافِ عَلَى الطَّهَارَةِ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ مِنْ شَرَائِطِ جَوَازِ السَّعْيِ، فَإِنْ كَانَ طَاهِرًا وَقْتَ الطَّوَافِ جَازَ السَّعْيُ، سَوَاءٌ كَانَ طَاهِرًا وَقْتَ السَّعْيِ، أَوْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَاهِرًا، وَقْتَ الطَّوَافِ لَمْ يَجُزْ سَعْيُهُ رَأْسًا، سَوَاءٌ كَانَ طَاهِرًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ سُنَنُ السَّعْي]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا سُنَنُهُ فَالرَّمَلُ فِي بَعْضِ كُلِّ شَوْطٍ، وَالسَّعْيُ فِي الْبَعْضِ، وَسَنَذْكُرُهَا فِي بَيَانِ سُنَنِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ السُّنَنِ لَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ حَتَّى لَوْ رَمَلَ فِي الْكُلِّ أَوْ سَعَى فِي الْكُلِّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يَكُونُ مُسِيئًا لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ وَقْتُ السَّعْي]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا وَقْتُهُ فَوَقْتُهُ الْأَصْلِيُّ يَوْمُ النَّحْرِ بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ لَا بَعْدَ طَوَافِ اللِّقَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ، وَالسَّعْيُ وَاجِبٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ الْوَاجِبُ تَبَعًا لِلسُّنَّةِ ' فَأَمَّا طَوَافُ الزِّيَارَةِ فَفَرْضٌ، وَالْوَاجِبُ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ تَبَعًا لِلْفَرْضِ إلَّا أَنَّهُ رُخِّصَ السَّعْيُ بَعْدَ طَوَافِ اللِّقَاءِ، وَجُعِلَ ذَلِكَ، وَقْتًا لَهُ تَرْفِيهًا بِالْحَاجِّ، وَتَيْسِيرًا لَهُ لِازْدِحَامِ الِاشْتِغَالِ لَهُ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَمَّا وَقْتُهُ الْأَصْلِيُّ فَيَوْمُ النَّحْرِ عَقِيبَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ لِمَا قُلْنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ بَيَانُ حُكْمِ السَّعْي إذَا تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِهِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا بَيَانُ حُكْمِهِ إذَا تَأَخَّرَ عَنْ، وَقْتِهِ الْأَصْلِيِّ، وَهِيَ أَيَّامُ النَّحْرِ بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَرْجِعْ إلَى أَهْلِهِ فَإِنَّهُ يَسْعَى، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا، وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ بِالتَّأْخِيرِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ فِي وَقْتِهِ الْأَصْلِيِّ، وَهُوَ مَا بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَلَا يَضُرُّهُ إنْ كَانَ قَدْ جَامَعَ لِوُقُوعِ التَّحَلُّلِ بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ؛ إذْ السَّعْيُ لَيْسَ بِرُكْنٍ حَتَّى يَمْنَعَ التَّحَلُّلَ، وَإِذَا صَارَ حَلَالًا بِالطَّوَافِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْعَى قَبْلَ الْجِمَاعِ أَوْ بَعْدَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَكَّةَ يَسْعَى، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا قُلْنَا، وَإِنْ كَانَ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ السَّعْيَ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ يَعُودُ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ الْأَوَّلَ قَدْ ارْتَفَعَ بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ لِوُقُوعِ التَّحَلُّلِ بِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْإِحْرَامِ، وَإِذَا عَادَ، وَسَعَى يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ تَدَارَكَ التَّرْكَ، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ، وَقَالَ: وَالدَّمُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلْفُقَرَاءِ، وَالنُّقْصَانُ لَيْسَ بِفَاحِشٍ فَصَارَ كَمَا إذَا طَافَ مُحْدِثًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الْوُقُوفُ بِمُزْدَلِفَةَ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الْوُقُوفُ بِمُزْدَلِفَةَ فَالْكَلَامُ فِيهِ يَقَعُ فِي مَوَاضِعَ: فِي.
بَيَانِ صِفَتِهِ، وَرُكْنِهِ، وَمَكَانِهِ، وَزَمَانِهِ، وَحُكْمِهِ إذَا فَاتَ عَنْ وَقْتِهِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ وَاجِبٌ، وَقَالَ اللَّيْثُ: إنَّهُ فَرْضٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَاحْتَجَّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198] ، وَالْمَشْعَرُ الْحَرَامُ هُوَ الْمُزْدَلِفَةُ، وَالْأَمْرُ بِالذِّكْرِ عِنْدَهَا يَدُلُّ عَلَى فَرْضِيَّةِ الْوُقُوفِ بِهَا.
(وَلَنَا) أَنَّ الْفَرْضِيَّةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ بَيْنَ أَهْلِ الدِّيَانَةِ، وَأَهْلُ الدِّيَانَةِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي مَوْضِعٍ، هُنَاكَ دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ، وَدَلِيلُ الْوُجُوبِ مَا رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: أَتْعَبْتُ مَطِيَّتِي فَمَا مَرَرْتُ بِشَرَفٍ إلَّا عَلَوْتُهُ فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَالَ: أَتْعَبْتُ رَاحِلَتِي وَأَجْهَدْتُ نَفْسِي، وَمَا تَرَكْتُ جَبَلًا مِنْ جِبَالِ طَيِّئٍ إلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ وَقَفَ مَعَنَا هَذَا الْوُقُوفَ، وَصَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَقَدْ كَانَ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ سَاعَةً بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» .
فَقَدْ عَلَّقَ تَمَامَ الْحَجِّ بِهَذَا الْوُقُوفِ، وَالْوَاجِبُ هُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ التَّمَامُ بِوُجُودِهِ لَا الْفَرْضُ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهِ أَصْلُ الْجَوَازِ لَا صِفَةُ التَّمَامِ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجُّ عَرَفَةُ، مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» جَعَلَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ كُلَّ الْحَجِّ، وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كُلَّ الرُّكْنِ.
وَكَذَا جَعَلَ مُدْرِكَ عَرَفَةَ مُدْرِكًا لِلْحَجِّ، وَلَوْ كَانَ الْوُقُوفُ بِمُزْدَلِفَةَ رُكْنًا لَمْ يَكُنْ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ كُلَّ الْحَجِّ بَلْ بَعْضَهُ، وَلَمْ يَكُنْ أَيْضًا مُدْرِكًا

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 135
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست