responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 292
عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إنْ نَوَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَزِمَهُ وَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ مَا تَنَاوَلَهُ، وَإِنْ كَثُرَ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي الْأَزْهَرِ عَنْهُ أَنَّ الشُّرُوعَ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا لِلُّزُومِ كَالنَّذْرِ ثُمَّ يَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ جَمِيعُ مَا تَنَاوَلَهُ وَكَذَا بِالشُّرُوعِ، وَجْهُ رِوَايَةِ غَسَّانَ عَنْهُ أَنَّ مَا وَجَبَ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى مُبَاشَرَةِ سَبَبِ الْوُجُوبِ مِنْ الْعَبْدِ دُونَ مَا وَجَبَ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً وَذَا لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَرْبَعِ فَهَذَا أَوْلَى، وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْوُجُوبَ بِسَبَبِ الشُّرُوعِ مَا ثَبَتَ وَضْعًا بَلْ ضَرُورَةُ صِيَانَةِ الْمُؤَدِّي عَنْ الْبُطْلَانِ، وَمَعْنَى الصِّيَانَةِ يَحْصُلُ بِتَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ النَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْوُجُوبِ بِصِيغَتِهِ وَضْعًا فَيَتَقَدَّرُ الْوُجُوبُ بِقَدْرِ مَا تَنَاوَلَهُ السَّبَبُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنَّ الشُّرُوعَ سَبَبُ الْوُجُوبِ كَالنَّذْرِ فَنَقُولُ نَعَمْ لَكِنَّهُ سَبَبٌ لِوُجُوبِ مَا وُجِدَ الشُّرُوعُ فِيهِ، وَلَمْ يُوجَدْ الشُّرُوعُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي فَلَا يَجِبُ، وَلِأَنَّهُ مَا وُضِعَ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ بَلْ الْوُجُوبُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ الشَّفْعِ الثَّانِي، بِخِلَافِ النَّذْرِ فَإِنَّهُ الْتَزَمَ صَرِيحًا فَيَلْزَمُهُ بِقَدْرِ مَا الْتَزَمَ.
وَكَذَا الْجَوَابُ فِي السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا إلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى لَوْ قَطَعَهَا قَضَى رَكْعَتَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ، وَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ قَضَى أَرْبَعًا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَقْضِي فِي التَّطَوُّعِ أَرْبَعًا وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا اخْتَارَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا يُؤَدِّي مِنْ الْأَرْبَعِ مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَقَالَ: لَوْ قَطَعَهَا يَقْضِي أَرْبَعًا.
وَلَوْ أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ فَانْتَقَلَ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ، وَيَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ وَهُوَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبُخَارِيُّ وَإِذَا عُرِفَ هَذَا الْأَصْلُ فَنَقُولُ: مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ بِالشُّرُوعِ فَفَرَغَ مِنْهُمَا وَقَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ عَلَى قَصْدِ الْأَدَاءِ يَلْزَمُهُ إتْمَامُ رَكْعَتَيْنِ أُخْرَاوَيْنِ وَبَيَّنَهُمَا عَلَى التَّحْرِيمَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْمُؤَدَّى صَارَ عِبَادَةً فَيَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُ الرَّكْعَتَيْنِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْبُطْلَانِ، وَالْقِيَامُ إلَى الثَّالِثَةِ عَلَى قَصْدِ الْأَدَاءِ بِنَاءً، مِنْهُ الشَّفْعُ الثَّانِي عَلَى التَّحْرِيمَةِ الْأَوْلَى وَأَمْكَنَ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا، لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ شَرْطُ الصَّلَاةِ عِنْدَنَا، وَالشَّرْطُ الْوَاحِدُ يَكْفِي لِأَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ كَالطَّهَارَةِ الْوَاحِدَةِ أَنَّهَا تَكْفِي لِصَلَوَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَيَلْزَمُهُ فِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ الْقِرَاءَةُ كَمَا فِي الْأُولَيَيْنِ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْ التَّطَوُّعِ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ، وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الْمُتَنَفِّلَ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثِ لِقَصْدِ الْأَدَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْتِحَ فَيَقُولَ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إلَخْ كَمَا يَسْتَفْتِحُ فِي الِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِنَاءُ الِافْتِتَاحِ، وَفِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ النَّفْلِ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ لَكِنْ بِنَاءً عَلَى التَّحْرِيمَةِ الْأُولَى فَيَأْتِي بِالثَّنَاءِ الْمَسْنُونِ فِيهِ.
وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا فَسَهَا فِيهِمَا فَسَجَدَ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِمَا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَاوَيْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَوَقَعَ سُجُودُهُ لِلسَّهْوِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ إذَا صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَسَهَا فِيهِمَا فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ حَيْثُ يَصِحُّ، وَيَقُومُ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ وَإِنْ كَانَ يَقَعُ سَهْوُهُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّلَامَ مُحَلَّلٌ فِي الشَّرْعِ، إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ مَنَعَهُ عَنْ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، أَوْ حَكَمَ بِعَوْدِ التَّحْرِيمَةِ ضَرُورَةَ تَحْصِيلِ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ لَا يُؤْتَى بِهِ إلَّا فِي تَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ، وَالضَّرُورَةُ فِي حَقِّ تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَفِيمَا يَرْجِعُ إلَى إكْمَالِهَا فَظَهَرَ بَقَاءُ التَّحْرِيمَةِ، أَوْ عَوْدُهَا فِي حَقِّهَا لَا فِي حَقِّ صَلَاةٍ أُخْرَى، وَلَا ضَرُورَةَ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ فَيَعْمَلُ التَّسْلِيمُ عَمَلَهُ فِي التَّحْلِيلِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ فِي الْمُتَنَفِّلِ بِالْأَرْبَعِ إذَا تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأُولَى أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ لَمَّا كَانَ صَلَاةً عَلَى حِدَةٍ كَانَتْ الْقَعْدَةُ عَقِيبَهُ فَرْضًا كَالْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ الْفَرَائِضِ، إلَّا أَنَّ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ قَبْلَ الْقَعْدَةِ فَقَدْ جَعَلَهَا صَلَاةً وَاحِدَةً شَبِيهَةً بِالْفَرْضِ، وَاعْتِبَارُ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْفَرْضِ فَصَارَتْ الْقَعْدَةُ الْأُولَى فَاصِلَةً بَيْنَ الشَّفْعَيْنِ وَالْخَاتِمَةُ هِيَ الْفَرِيضَةُ فَأَمَّا الْفَاصِلَةُ فَوَاجِبَةٌ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ فِي التَّطَوُّعِ، وَقَامَ إلَى الْأُخْرَيَيْنِ وَقَرَأَ فِيهِمَا حَيْثُ يَفْسُدُ الشَّفْعُ الْأَوَّلُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَمْ نَجْعَلْ هَذِهِ الصَّلَاةَ صَلَاةً وَاحِدَةً فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ بِمَنْزِلَةِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ إنَّمَا صَارَتْ فَرْضًا لِغَيْرِهَا وَهُوَ الْخُرُوجُ فَإِذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ وَصَارَتْ الصَّلَاةُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ لَمْ يَأْتِ أَوَانُ الْخُرُوجِ فَلَمْ تَبْقَ الْقَعْدَةُ فَرْضًا، فَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فَهِيَ رُكْنٌ بِنَفْسِهَا فَإِذَا تَرَكَهَا فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ فَسَدَ فَلَمْ يَصِحَّ بِنَاءُ الشَّفْعِ الثَّانِي عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا: إذَا صَلَّى التَّطَوُّعَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِقَعْدَةٍ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 292
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست