responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 287
عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ لِمَا قُلْنَا، وَكَذَا إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَهَا بِالسَّجْدَةِ يَعُودُ إلَى التَّشَهُّدِ وَيُسَلِّمُ، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى حَالِهِ قَائِمًا؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْقَعْدَةِ كَانَتْ سُنَّةً، وَقَعْدَةُ الْخَتْمِ فَرْضٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْقَعْدَةِ ثُمَّ يُسَلِّمُ لِيَكُونَ مُتَنَفِّلًا بِرَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ قَيَّدَ الثَّالِثَةَ بِالسَّجْدَةِ أَتَمَّهَا؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْأَكْثَرَ فَلَا يُمْكِنُهُ الْقَطْعُ، وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ فَيَجْعَلُهَا تَطَوُّعًا لِمَا رُوِيَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ فَرَأَى رَجُلَيْنِ خَلْفَ الصَّفِّ فَقَالَ عَلَيَّ بِهِمَا فَجِيءَ بِهِمَا تَرْتَعِدُ فَرَائِصُهُمَا فَقَالَ مَا لَكُمَا لَمْ تُصَلِّيَا مَعَنَا فَقَالَا: كُنَّا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا إمَامَ قَوْمٍ فَصَلِّيَا مَعَهُ وَاجْعَلَا ذَلِكَ سُبْحَةً» أَيْ: نَافِلَةً وَكَانَ ذَلِكَ فِي الظُّهْرِ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْإِمْلَاءِ وَلَوْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقْطَعُهَا لِيَدْخُلَ مَعَ الْإِمَامِ فَيُحْرِزَ ثَوَابَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الصَّلَاةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَعُودُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مَا لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَصْرِ مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بَعْدَهُ مَكْرُوهٌ، وَيَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي الْخُرُوجِ أَقَلُّ مِنْهَا فِي الْمُكْثِ.
وَأَمَّا فِي الْمَغْرِبِ فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً قَطَعَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ ضَمَّ إلَيْهَا أُخْرَى لَأَدَّى الْأَكْثَرَ فَلَا يُمْكِنُهُ الْقَطْعُ.
وَلَوْ قَطَعَ كَانَ بِهِ مُتَنَفِّلًا بِرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَإِنْ قَيَّدَ الثَّالِثَةَ بِالسَّجْدَةِ مَضَى فِيهَا لِمَا قُلْنَا، وَلَا يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثَّلَاثِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ، وَالتَّنَفُّلُ بِالثَّلَاثِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَإِمَّا أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا فَيَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى لِتَصِيرَ شَفْعًا لَهُ، وَقَالَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ: يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّغْيِيرَ بِحُكْمِ الِاقْتِدَاءِ وَذَلِكَ جَائِزٌ كَالْمَسْبُوقِ يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي الْقَعْدَةِ أَنَّهُ يَقْعُدُ مَعَهُ وَابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ بِالْقَعْدَةِ ثُمَّ جَازَ هَذَا التَّغْيِيرُ بِحُكْمِ الِاقْتِدَاءِ، كَذَا هَذَا فَإِنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى أَرْبَعًا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ؛ لِأَنَّ بِالْقِيَامِ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ صَارَ مُلْتَزِمًا لِلرَّكْعَتَيْنِ لِخُرُوجِ الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَوَازِ التَّنَفُّلِ بِهَا، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَاَللَّهِ مَا أَجْزَأَتْ رَكْعَةٌ قَطُّ فَلِذَلِكَ يُتِمُّ أَرْبَعًا لَوْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ، هَذَا إذَا كَانَ لَمْ يُصَلِّ الْمَكْتُوبَةَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِنْ كَانَ صَلَاةً لَا يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بَعْدَهَا شَرَعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا.

[فَصْلٌ السُّنَّةَ إذَا فَاتَتْ عَنْ وَقْتِهَا هَلْ تُقْضَى أَمْ لَا]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا بَيَانُ أَنَّ السُّنَّةَ إذَا فَاتَتْ عَنْ وَقْتِهَا هَلْ تُقْضَى أَمْ لَا؟ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي سَائِرِ السُّنَنِ سِوَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ عَنْ وَقْتِهَا لَا تُقْضَى سَوَاءٌ فَاتَتْ وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ الْفَرِيضَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ: تُقْضَى قِيَاسًا عَلَى الْوِتْرِ، وَلَنَا مَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ حُجْرَتِي بَعْدَ الْعَصْرِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ لَمْ تَكُنْ تُصَلِّيهِمَا مِنْ قَبْلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: رَكْعَتَانِ كُنْتُ أُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ» وَفِي رِوَايَةٍ «رَكْعَتَا الظُّهْرِ شَغَلَنِي عَنْهُمَا الْوَفْدُ فَكَرِهْتُ أَنْ أُصَلِّيَهُمَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَيَرَوْنِي، فَقُلْتُ: أَفَأَقْضِيهِمَا إذَا فَاتَتَا؟ فَقَالَ: لَا» وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْأُمَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ اُخْتُصَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا شَرِكَةَ لَنَا فِي خَصَائِصِهِ وَقِيَاسُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَا يَجِبَ قَضَاءُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَصْلًا، إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا الْقَضَاءَ إذَا فَاتَتَا مَعَ الْفَرْضِ لِحَدِيثِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ، وَلِأَنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِبَارَةٌ عَنْ طَرِيقَتِهِ وَذَلِكَ بِالْفِعْلِ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ عَلَى هَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْفِعْلُ فِي وَقْتٍ آخَرَ لَا يَكُونُ سُلُوكَ طَرِيقَتِهِ، فَلَا يَكُونُ سُنَّةً بَلْ يَكُونُ تَطَوُّعًا مُطْلَقًا.
وَأَمَّا رَكْعَتَا الْفَجْرِ إذَا فَاتَتَا مَعَ الْفَرْضِ فَقَدْ فَعَلَهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْفَرْضِ لَيْلَةَ التَّعْرِيسِ فَنَحْنُ نَفْعَلُ ذَلِكَ لِنَكُونَ عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَالْوَاجِبُ مُلْحَقٌ بِالْفَرْضِ فِي حَقِّ الْعَمَلِ، وَعِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً لَكِنَّهُمَا عَرَفَا وُجُوبَ الْقَضَاءِ بِالنَّصِّ الَّذِي رَوَيْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ.
أَمَّا سُنَّةُ الْفَجْرِ فَإِنْ فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ تُقْضَى مَعَ الْفَرْضِ اسْتِحْسَانًا لِحَدِيثِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا نَامَ فِي ذَلِكَ الْوَادِي ثُمَّ اسْتَيْقَظَ بِحَرِّ الشَّمْسِ فَارْتَحَلَ مِنْهُ ثُمَّ نَزَلَ وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ» .
وَأَمَّا إذَا فَاتَتْ وَحْدَهَا لَا تُقْضَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: تُقْضَى إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَاهُمَا بَعْدَ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 287
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست