responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 238
بِوُجُودِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُضَادَّةَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا تَنْعَدِمُ الْأَهْلِيَّةُ فَيُوجَدُ جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ لِانْعِدَامِ مَا يُضَادُّهُ وَيَفْسُدُ هَذَا الْجُزْءُ لِحُصُولِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَلَا صِحَّةَ لِلْفِعْلِ الصَّادِرِ مِنْ غَيْرِ الْأَهْلِ وَإِذَا فَسَدَ هَذَا الْجُزْءُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ فَتَتَعَلَّقُ بِهَا صِحَّةً وَفَسَادًا؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ لَمَّا فَسَدَ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَسَدَتْ التَّحْرِيمَةُ الْمُقَارِنَةُ لِهَذَا الْفِعْلِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِأَجْلِ الْأَفْعَالِ فَتَتَّصِفُ بِمَا تَتَّصِفُ الْأَفْعَالُ صِحَّةً وَفَسَادًا فَإِذَا فَسَدَتْ هِيَ فَسَدَتْ تَحْرِيمَةُ الْمُقْتَدِي فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ إلَّا أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْ الْمُدْرِكِينَ اتَّصَفَتْ بِالتَّمَامِ بِدُونِ الْجُزْءِ الْفَاسِدِ.
فَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَقَدْ فَسَدَ جُزْءٌ مِنْ صَلَاتِهِ وَفَسَدَتْ التَّحْرِيمَةُ الْمُقَارِنَةُ لِذَلِكَ الْجُزْءِ فَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يَعُودُ إلَّا بِالتَّحْرِيمَةِ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَمْ يُتَصَوَّرْ حُصُولُ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْكَانِ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُضَادٍّ لِأَهْلِيَّةِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ بَلْ هُوَ مُضَادٌّ لِلصَّلَاةِ نَفْسِهَا، وَوُجُودُ الضِّدِّ لَا يُفْسِدُ الضِّدَّ الْآخَرَ بَلْ يَمْنَعُهُ مِنْ الْوُجُودِ فَإِنَّ أَفْعَالَ الصَّلَاةِ كَانَتْ تُوجَدُ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالتَّكْرَارِ فَإِذَا انْعَدَمَ فِعْلٌ يَعْقُبُهُ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ فَإِذَا تَعَقَّبَهُ مَا هُوَ مُضَادٌّ لِلصَّلَاةِ لَا يُتَصَوَّرُ حُصُولُ جُزْءٍ مِنْهَا مُقَارِنًا لِلضِّدِّ بَلْ يَبْقَى عَلَى الْعَدَمِ عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَنَا فِي الْمُتَضَادَّاتِ وَانْتَهَتْ أَفْعَالُ الصَّلَاةِ فَلَمْ تَتَجَدَّدْ التَّحْرِيمَةُ؛ لِأَنَّ تَجَدُّدَهَا كَانَ لِتَجَدُّدِ الْأَفْعَالِ وَقَدْ انْتَهَتْ فَانْتَهَتْ هِيَ أَيْضًا وَمَا فَسَدَتْ، وَبِانْتِهَاءِ تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ لَا تَنْتَهِي تَحْرِيمَةُ الْمَسْبُوقِ كَمَا لَوْ سَلَّمَ فَإِنَّ تَحْرِيمَةَ الْإِمَامِ مُنْتَهِيَةٌ وَتَحْرِيمَةَ الْمَسْبُوقِ غَيْرُ مُنْتَهِيَةٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فَلَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِينَ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ.
وَأَمَّا اللَّاحِقُونَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ أَدْرَكُوا الْإِمَامَ فِي صَلَاتِهِ وَصَلَّوْا مَعَهُ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ تَفْسُدُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ لَا تَفْسُدُ هَذَا إذَا كَانَ الْعَارِضُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَعَلَى الْمُصَلِّي فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِعْلَهُ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ مَاءً بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَوْ بَعْدَ مَا سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَعَادَ إلَى السُّجُودِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ صَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا وَذَكَرْنَا الْحُجَجَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي فَصْلِ التَّيَمُّمِ أُمِّيٌّ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ ثُمَّ تَعَلَّمَ سُورَةً فَقَرَأَهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، مَثَلُ الْأَخْرَسِ يَزُولُ خَرَسُهُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَصَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ بِقِرَاءَةٍ ثُمَّ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ فَصَارَ أُمِّيًّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ زُفَرُ: لَا تَفْسُدُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: تَفْسُدُ فِي الْأَوَّلَ وَلَا تَفْسُدُ فِي الثَّانِي اسْتِحْسَانًا.
وَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ أَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقَطْ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَارِئَ لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَجْزَأَهُ فَإِذَا كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَعَجْزُهُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَإِذَا تَعَلَّمَ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَضُرُّهُ عَجْزُهُ عَنْهَا فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا لَا يَضُرُّهُ لَوْ تَرَكَهَا.
وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ فِي الْأَوَّلِ لَحَصَلَ الْأَدَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ فَأُمِرَ بِالِاسْتِقْبَالِ.
وَلَوْ اسْتَقْبَلَهَا فِي الثَّانِي لَأَدَّى كُلَّ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَكَانَ الْبِنَاءُ أَوْلَى لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا الْبَعْضَ بِقِرَاءَةٍ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِشَرْطِ الْعَجْزِ عَنْهَا فِي كُلِّ الصَّلَاةِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِي بَعْضِهَا فَاتَ الشَّرْطُ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُؤَدَّى لَمْ يَقَعْ صَلَاةً؛ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْأُمِّيِّ لَمْ تَنْعَقِدْ لِلْقِرَاءَةِ بَلْ انْعَقَدَتْ لِأَفْعَالِ صَلَاتِهِ لَا غَيْرَ، فَإِذَا قَدَرَ صَارَتْ الْقِرَاءَةُ مِنْ أَرْكَانِ صَلَاتِهِ فَلَا يَصِحُّ أَدَاؤُهَا بِلَا تَحْرِيمَةٍ كَأَدَاءِ سَائِرِ الْأَرْكَانِ وَالصَّلَاةُ لَا تُوجَدُ بِدُونِ أَرْكَانِهَا فَفَسَدَتْ وَلِأَنَّ الْأَسَاسَ الضَّعِيفَ لَا يَحْتَمِلُ بِنَاءَ الْقَوِيِّ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةُ بِقِرَاءَةٍ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهَا عَلَى الضَّعِيفِ كَالْعَارِي إذَا وَجَدَ الثَّوْبَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ وَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ، وَإِذَا كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَقَدْ عَقَدَ تَحْرِيمَتَهُ لِأَدَاءِ كُلِّ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ.

وَلَوْ اقْتَدَى الْأُمِّيُّ بِقَارِئٍ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَةً فَلَمَّا فَرَغَ الْإِمَامُ قَامَ الْأُمِّيُّ لِإِتْمَامِ الصَّلَاةِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ فِي الْقِيَاسِ، وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا.
وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ الْتَزَمَ أَدَاءَ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ حِينَ قَامَ لِلْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي فَلَا تَكُونُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةً لَهُ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ الْقِرَاءَةَ ضِمْنًا لِلِاقْتِدَاءِ وَهُوَ مُقْتَدٍ فِيمَا بَقِيَ عَلَى الْإِمَامِ لَا فِيمَا سَبَقَهُ بِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَنَى كَانَ مُؤَدِّيًا بَعْضَ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ كَانَ مُؤَدَّيَا جَمِيعَهَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى.

(وَمِنْهَا) انْكِشَافُ الْعَوْرَةِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 238
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست