responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 168
أَوَانِهِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ شُرِعَتْ مُرَتَّبَةً فَلَا تُعْتَبَرُ بِدُونِ التَّرْتِيبِ، كَمَا لَوْ قَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالسُّجُودِ لِمَا قُلْنَا كَذَا هَذَا.
(وَلَنَا) أَنَّ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ صَادَفَتْ مَحَلَّهَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَقَدْ وُجِدَتْ الرَّكْعَةُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ تَتَقَيَّدُ بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّمَا الثَّانِيَةُ تَكْرَارٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا اسْمُ الصَّلَاةِ؟ حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَقَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ يَحْنَثُ، فَكَانَ أَدَاءُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مُعْتَبَرًا مُعْتَدًّا بِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَضَاءُ الْمَتْرُوكِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ مَا صَادَفَ مَحَلَّهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ لِتَقْيِيدِ الرَّكْعَةِ، وَالرَّكْعَةُ بِدُونِ الرُّكُوعِ لَا تَتَحَقَّقُ فَلَمْ يَقَعْ مُعْتَدًّا بِهِ فَهُوَ الْفَرْقُ.
وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا تَذَكَّرَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ - قَضَاهُمَا وَتَمَّتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا، وَيَبْدَأُ بِالْأُولَى مِنْهُمَا ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى حَسَبِ الْأَدَاءِ، ثُمَّ الثَّانِيَةُ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الْأُولَى فِي الْأَدَاءِ فَكَذَا فِي الْقَضَاءِ.
وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ تَرَكَهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَالْأُخْرَى صُلْبِيَّةٌ تَرَكَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ - يُرَاعِي التَّرْتِيبَ أَيْضًا فَيَبْدَأُ بِالتِّلَاوَةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ زُفَرُ: يَبْدَأُ بِالثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى.
(وَلَنَا) أَنَّ الْقَضَاءَ مُعْتَبَرٌ بِالْأَدَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ وُجُوبُ التِّلَاوَةِ أَدَاءً فَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ تَذَكَّرَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً وَهُوَ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ لَخَرَّ لَهَا مِنْ رُكُوعِهِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ فَسَجَدَهَا، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَعُودَ إلَى حُرْمَةِ هَذِهِ الْأَرْكَانِ فَيُعِيدَهَا لِيَكُونَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَسْنُونَةِ وَهِيَ التَّرْتِيبُ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ أَجْزَأَهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ.
وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَرْضٌ عِنْدَهُ فَالْتَحَقَتْ هَذِهِ السَّجْدَةُ بِمَحَلِّهَا فَبَطَلَ مَا أَدَّى مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ لِتَرْكِ التَّرْتِيبِ، وَعِنْدَنَا التَّرْتِيبُ فِي أَفْعَالِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ بِفَرْضٍ، وَلِهَذَا يَبْدَأُ الْمَسْبُوقُ بِمَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيهِ دُونَ مَا سَبَقَهُ، وَلَئِنْ كَانَ فَرْضًا فَقَدْ سَقَطَ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ، فَوَقَعَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ مُعْتَبَرًا لِمُصَادِفَتِهِ مَحَلَّهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ عَلَيْهِ إعَادَةَ الرُّكُوعِ إذَا خَرَّ لَهَا مِنْ الرُّكُوعِ، بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْقَوْمَةَ الَّتِي بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَرْضٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ بَعْدَ مَا أَحْدَثَ فِيهِ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الَّذِي لَا قَاهُ الْحَدَثُ مِنْ الرُّكْنِ قَدْ فَسَدَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفْسِدَ كُلَّ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ، إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا هَذَا الْقِيَاسَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ فِي حَقِّ جَوَازِ الْبِنَاءِ، فَيُعْمَلُ بِهِ فِي حَقِّ الرُّكْنِ الَّذِي أَحْدَثَ فِيهِ.
وَلَوْ لَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى سَلَّمَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهَا، أَوْ سَاهٍ عَنْهَا.
فَإِنْ سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لَا تَفْسُدُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ السَّلَامَ الْعَمْدَ يُوجِبُ الْخُرُوجَ عَنْ الصَّلَاةِ إلَّا سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ، وَسَلَامُ السَّهْوِ لَا يُوجِبُ الْخُرُوجَ عَنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ مُحَلِّلٌ فِي الشَّرْعِ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» وَلِأَنَّهُ كَلَامٌ، وَالْكَلَامُ مُضَادٌّ لِلصَّلَاةِ، إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ مَنَعَهُ عَنْ الْعَمَلِ حَالَةَ السَّهْوِ ضَرُورَةَ دَفْعِ الْحَرَجِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّمَا يَسْلَمُ عَنْ النِّسْيَانِ، وَفِي حَقِّ مَنْ عَلَيْهِ سَهْوٌ ضَرُورَةَ تَمَكُّنِهِ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي غَيْرِ حَالَةِ السَّهْوِ فِي حَقِّ مَنْ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ مُحَلِّلًا مُنَافِيًا لِلصَّلَاةِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: إذَا سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ سَلَامَ الْعَمْدِ قَاطِعٌ لِلصَّلَاةِ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا، وَلَا وُجُودَ لِلشَّيْءِ بِدُونِ رُكْنِهِ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْعَدَمِ؛ ضَرُورَةَ دَفْعِ الْحَرَجِ عَلَى مَا مَرَّ، ثُمَّ إنْ سَلَّمَ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ - لَمْ يَصْرِفْ وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ - يَعُدْ إلَى قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ.
وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ، وَإِذَا عَادَ إلَى السَّجْدَةِ يُتَابِعُهُ الْمُقْتَدِي فِيهَا وَلَكِنْ لَا يَعْتَدُّ بِهَذِهِ السَّجْدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الرُّكُوعَ، وَيُتَابِعُهُ فِي التَّشَهُّدِ دُونَ التَّسْلِيمِ، وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ يُتَابِعهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ سَاهِيًا لَا يُتَابِعُهُ وَلَكِنَّهُ يَقُومُ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ الْإِمَامُ إلَى قَضَاءِ السَّجْدَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَفَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بَعْدَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ، وَفَائِدَةُ صِحَّةِ اقْتِدَائِهِ بِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اقْتَدَى بِهِ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ أَوْ الْعِشَاءِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ إنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقِيمًا، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ.
وَأَمَّا إذَا صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَعُودَ، وَهُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ.
وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ صَرْفَ الْوَجْهِ عَنْ الْقِبْلَةِ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ فَكَانَ مَانِعًا مِنْ الْبِنَاءِ.
(وَجْهُ) الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَسْجِدَ كُلَّهُ فِي حُكْمِ مَكَان وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ مَكَانُ الصَّلَاةِ أَلَا يَرَى أَنَّهُ صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ هُوَ فِي

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 168
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست