responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 100
صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ، لَكِنْ يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى لِيَكُونَ الرَّكْعَتَانِ لَهُ تَطَوُّعًا عَلَى قَوْلِهِمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ عَلَى مَا مَرَّ.
(وَجْهُ) قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ ظُهْرَ الْمُسَافِرِ كَفَجْرِ الْمُقِيمِ، ثُمَّ الْفَجْرُ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ يَفْسُدُ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُهُ إصْلَاحُهُ إلَّا بِالِاسْتِقْبَالِ، فَكَذَا الظُّهْرُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ إذْ لَا تَأْثِيرَ لِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِي رَفْعِ صِفَةِ الْفَسَادِ (وَجْهُ) قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمُفْسِدَ لَمْ يَتَقَرَّرْ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ خُلُوُّ الصَّلَاةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ بِغَرَضِ أَنْ يَلْحَقَهَا مُدَّةُ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِخِلَافِ الْفَجْرِ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ تَقَرَّرَ الْمُفْسِدُ إذْ لَيْسَ لَهَا هَذِهِ الْعَرَضِيَّةُ، وَكَذَا إذَا قَيَّدَ الثَّالِثَةَ بِالسَّجْدَةِ وَلَوْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَهْوٌ فَنَوَى الْإِقَامَةَ لَمْ يَنْقَلِبْ فَرْضُهُ أَرْبَعًا وَسَقَطَ عَنْهُ السَّهْوُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ تَغَيَّرَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، ذُكِرَ الِاخْتِلَافُ فِي نَوَادِرِ أَبِي سُلَيْمَانَ.
وَلَوْ سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً لِسَهْوِهِ أَوْ سَجَدَهُمَا ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ تَغَيَّرَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا بِالْإِجْمَاعِ، وَيُعِيدُ السَّجْدَتَيْنِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَكَذَا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ السَّلَامِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ رَاجِعٌ إلَى أَصْلٍ وَهُوَ: أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ إذَا سَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خُرُوجًا مَوْقُوفًا، إنْ عَادَ إلَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَصَحَّ عَوْدُهُ إلَيْهِمَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ لَمْ يَخْرُجْ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ خَرَجَ حَتَّى لَوْ ضَحِكَ بَعْدَمَا سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إلَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ سَلَامُهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ أَصْلًا حَتَّى لَوْ ضَحِكَ قَهْقَهَةً بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ (وَجْهُ) قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ أَنَّ الشَّرْعَ أَبْطَلَ عَمَلَ سَلَامِ مَنْ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ؛ لِأَنَّ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ يُؤْتَى بِهِمَا فِي تَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُمَا شُرِعَتَا لِجَبْرِ النُّقْصَانِ وَإِنَّمَا يَنْجَبِرَانِ لَوْ حَصَلَتَا فِي تَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ، وَلِهَذَا يَسْقُطَانِ إذَا وُجِدَ بَعْدَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ مَا يُنَافِي التَّحْرِيمَةَ وَلَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُمَا فِي تَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ إلَّا بَعْدَ بُطْلَانِ عَمَلِ هَذَا السَّلَامِ فَصَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ انْعَدَمَ حَقِيقَةً كَانَتْ التَّحْرِيمَةُ بَاقِيَةً، فَكَذَا إذَا الْتَحَقَ بِالْعَدَمِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّ السَّلَامَ جُعِلَ مُحَلِّلًا فِي الشَّرْعِ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ، وَالتَّحْلِيلُ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحَلُّلُ وَلِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْقَوْمِ فَكَانَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، وَأَنَّهُ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ أَنَّ الشَّرْعَ أَبْطَلَ عَمَلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِحَاجَةِ الْمُصَلِّي إلَى جَبْرِ النُّقْصَانِ، وَلَا يَنْجَبِرُ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الْجَابِرِ فِي التَّحْرِيمَةِ لِيُلْحِقَ الْجَابِرَ بِسَبَبِ بَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ بِمَحَلِّ النُّقْصَانِ فَيَنْجَبِرَ النُّقْصَانُ فَبَقَّيْنَا التَّحْرِيمَةَ مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي لَهَا لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ اشْتَغَلَ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَصَحَّ اشْتِغَالُهُ بِهِمَا تَحَقَّقَتْ الضَّرُورَةُ إلَى إبْقَاءِ التَّحْرِيمَةِ فَبَقِيَتْ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَغِلْ لَمْ تَتَحَقَّقْ الضَّرُورَةُ، فَعَمَلَ السَّلَامُ فِي الْإِخْرَاجِ عَنْ الصَّلَاةِ وَإِبْطَالِ التَّحْرِيمَةِ.
وَإِذَا عُرِفَ هَذَا الْأَصْلُ فَنَقُولُ: وُجِدَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ هَهُنَا وَالتَّحْرِيمَةُ بَاقِيَةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ فَتَغَيَّرَ فَرْضُهُ كَمَا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَ مَا عَادَ إلَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وُجِدَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ هَهُنَا وَالتَّحْرِيمَةُ مُنْقَطِعَةٌ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي لِضَرُورَةِ الْعَوْدِ إلَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَالْعَوْدُ إلَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ هَهُنَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَتَبَيَّنَ أَنَّ التَّحْرِيمَةَ كَانَتْ بَاقِيَةً فَتَبَيَّنَ أَنَّ فَرْضَهُ صَارَ أَرْبَعًا وَهَذَا وَسَطُ الصَّلَاةِ، وَالِاشْتِغَالُ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُمَا آخِرُ الصَّلَاةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّوَقُّفِ هَهُنَا، فَلَا يَتَوَقَّفُ، بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ مَوْقُوفٌ، إنْ اشْتَغَلَ بِالسَّجْدَتَيْنِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ صَحِيحًا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَغِلْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقَعَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّوَقُّفِ هُنَاكَ مُفِيدٌ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ إلَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ صَحِيحٌ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْمُنَافِي لِلضَّرُورَةِ وَهَهُنَا بِخِلَافِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً لِلسَّهْوِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ جَمِيعًا حَيْثُ يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَا يُعْتَدُّ بِهِمَا لِحُصُولِهِمَا فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ صَحَّ اشْتِغَالُهُ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ التَّحْرِيمَةَ كَانَتْ بَاقِيَةً فَوُجِدَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ، وَالتَّحْرِيمَةُ بَاقِيَةٌ فَتَغَيَّرَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا، وَإِذَا تَغَيَّرَ أَرْبَعًا تَبَيَّنَ أَنَّ السَّجْدَةَ حَصَلَتْ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَيَبْطُلُ اعْتِبَارُهَا وَلَكِنْ لَا يَظْهَرُ أَنَّهَا مَا كَانَتْ مُعْتَبَرَةً مُعْتَدًّا بِهَا حِينَ حَصَلَتْ بَلْ بَطَلَ اعْتِبَارُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتَ حُصُولِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ مُقْتَصِرًا عَلَى الْحَالِ.
فَأَمَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَبِخِلَافِهِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ مَا انْعَقَدَ صَحِيحًا ثُمَّ انْفَسَخَ بِمَعْنًى يُوجِبُ انْفِسَاخَهُ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ ثَبَتَ الْحُكْمُ عِنْدَ انْعِقَادِهِ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست