اسم الکتاب : الهداية في شرح بداية المبتدي المؤلف : المَرْغِيناني الجزء : 1 صفحة : 130
الاعتكاف في كل مسجد مشروع وإذا صح الشروع فالضرورة مطلقة في الخروج ويخرج حين تزول الشمس لأن الخطاب يتوجه بعده وإن كان منزله بعيدا عنه يخرج في وقت يمكنه إدراكها ويصلي قبلها أربعا وفي رواية ستا الأربع سنة والركعتان تحية المسجد وبعدها أربعا أو ستا على حسب الاختلاف في سنة الجمعة وسننها توابع لها فألحقت بها ولو أقام في مسجد الجامع أكثر من ذلك لا يفسد اعتكافه لأنه موضع اعتكاف إلا أنه لا يستحب لأنه إلتزم أداءه في مسجد واحد فلا يتمه في مسجدين من غير ضرورة " ولو خرج من المسجد ساعة بغير عذر فسد اعتكافه " عند أبي حنيفة رحمه الله لوجود المنافى وهو القياس وقالا لا يفسد حتى يكون أكثر من نصف يوم وهو الاستحسان لأن في القليل ضرورة قال " وأما الأكل والشرب والنوم يكون في معتكفه " لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن لمأوى إلا المسجد ولأنه يمكن قضاء هذه الحاجة في المسجد فلا ضرورة إلى الخروج " ولا بأس بأن يبيع ويبتاع في المسجد من غير أن يحضر السلعة " لأنه قد يحتاج إلى ذلك بأن لا يجد من يقوم بحاجته إلا أنهم قالوا يكره إحضار السلعة للبيع والشراء لأن المسجد محرز من حقوق العباد وفيه شغله بها ويكره لغير المعتكف البيع والشراء فيه لقوله عليه الصلاة والسلام " جنبوا مساجدكم صبيانكم " إلى أن قال " وبيعكم وشراءكم ".
قال: " ولا يتكلم إلا بخير ويكره له الصمت " لأن صوم الصمت ليس بقربة في شريعتنا لكنه يتجانب ما يكون مأثما " ويحرم على المعتكف الوطء " لقوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] " و " كذا " اللمس والقبلة " لأنه من دواعيه فيحرم عليه إذ هو محظوره كما في الإحرام بخلاف الصوم لأن الكف ركنه لا محظوره فلم يتعد إلى دواعيه " فإن جامع ليلا أو نهارا عامدا أو ناسيا بطل اعتكافه " لأن الليل محل الاعتكاف بخلاف الصوم وحالة العاكفين مذكرة فلا يعذر بالنسيان " ولو جامع فيما دون الفرج فأنزل أو قبل أو لمس فأنزل بطل اعتكافه " لأنه في معنى الجماع حتى يفسد به الصوم ولو لم ينزل لا يفسد إن كان محرما لأنه ليس في معنى الجماع وهو المفسد ولهذا لا يفسد به الصوم.
قال: " ومن أوجب على نفسه اعتكاف أيام لزمه اعتكافها بلياليها " لأن ذكر الأيام على سبيل الجمع يتناول ما بازائها من الليالي يقال ما رأيتك منذ أيام والمراد بلياليها وكانت " متتابعة وان لم يشترط التتابع " لأن مبنى الاعتكاف على التتابع لأن الأوقات كلها قابلة له بخلاف الصوم لأن مبناه على التفرق لأن الليالي غير قابلة للصوم فيجب على التفرق حتى ينص على التتابع "وإن نوى الأيام خاصة صحت نيته " لأنه نوى الحقيقة " ومن أوجب على
اسم الکتاب : الهداية في شرح بداية المبتدي المؤلف : المَرْغِيناني الجزء : 1 صفحة : 130