اسم الکتاب : المعتصر من المختصر من مشكل الآثار المؤلف : المَلَطي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 205
العليا فهو في سبيل الله".
ففيه أن المقاتل لا يستحق الشهادة بقتاله حتى يكون معه من نيته أن تكون كلمة الله تعالى أعلى كما ذكر في الحديث وقد شد ذلك قوله: "إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى"
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من سأل الله عز وجل الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" ففيه أن الشهادة تكون لمن يتمناها من قلبه وإن لم يصبه القتل فكذا ما ذكر من الشهداء بغير قتل إنما هو فيمن كان له نية الشهادة أو بذل الروح في الطاعة لا فيمن سواهم.
في الاشتغال بالحرث عن الجهاد
روى عن أبي أمامة الباهلي أنه رأى سكة أو شيئا من آلة الحرث فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما دخلت هذه بيت قوم إلا أدخله الله الذل" يعني من اشتغل بالحرث عن الجهاد عاد مطلوبا بما كان به طالبا لأن ما يطلبه ولاة المسلمين من العشر والخراج فالمسلمون هم الطالبون فهذا وجه الذل الداخل على الحارث وقال عليه السلام: "جعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالفني ومن تشبه بقوم فهو منهم".
في الجهاد في الأبوين
يروي عمرو بن العاص أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أريد الجهاد فقال: "أحي أبواك؟ " فقال: نعم, قال: "ففيهما فجاهد" إنما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بترك الجهاد ولزوم أبويه مع الوعيد على تركه بقوله: {إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً} لأنه فرض كفاية بخلاف الحج فإنه فرض عين وبر الوالدين فرض عين فإذا بر والديه سقط الفرضان أحدهما بفعله والآخر بفعل غيره ومنه ما روى عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا أبايعك حتى ترجع إليهما فتضحكهما كما أبكيتهما" ولا فرق بين الأبوين وبين أحدهما لما روى أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني جئتك أبايعك على الهجرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألك أب أو أم؟ " قال: نعم, قال: "ففيهما فجاهد".
وروى أن رجلا أتاه فقال: إني أردت أن أغزو وقد جئتك استشيرك فقال: "هل لك من أم؟ " فقال: نعم, فقال صلى الله عليه وسلم: "فالزمها فإن الجنة تحت رجليها".
اسم الکتاب : المعتصر من المختصر من مشكل الآثار المؤلف : المَلَطي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 205