اسم الکتاب : المعتصر من المختصر من مشكل الآثار المؤلف : المَلَطي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 120
أو ثلاثة فقال: "أو ثلاثة" فقلنا: أو اثنان, قال: "واثنان" ثم لم نسأله عن الواحد ووجه ذلك أن الشهادة بالخير لمن شهد له ستر من الله سبحانه عليه في الدنيا ومن ستر الله عليه في الدنيا لم يرفع عنه ستره في الآخرة ومن لم يرفع الله عنه ستره في الآخرة أدخله الله الجنة والشهادة بالشر في الدنيا هو رفع الستر عن المشهود عليه وهو في ذلك ضد من اثنى عليه خير في الدنيا فكذلك هو في الأخرى فيستحق النار وهذا من أدق استنباط وأحسنه.
في الاستغفار للمشرك
عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ قال: أولم يستغفر إبراهيم عليه السلام لأبيه فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} وفي رواية: فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} لم يبين في الحديث أن أبويه حيين كانا أو ميتين والظاهر أنهما كانا ميتين لجواز الاستغفار للمشرك ما دام حيا لرجاء الإيمان منه يدل عليه قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} إلى قوله: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} ولا يتبين ذلك إلا بموتهم وعن ابن عباس لم يزل إبراهيم عليه السلام يستغفر لأبيه حتى مات فتبين له أنه عدو لله فتبرأ منه وقيل في سبب نزول قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل على عمه أبي طالب فقال له: "قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله" فقال له أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فكان آخر ما كلمهم أنا على ملة عبد المطلب فقال: "أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" فأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ} الآية وأنزل في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية وقيل سبب نزولها استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في الاستغفار لأمه آمنة فلم يأذن له والله
اسم الکتاب : المعتصر من المختصر من مشكل الآثار المؤلف : المَلَطي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 120