اسم الکتاب : المحيط البرهاني في الفقه النعماني المؤلف : ابن مازَة الجزء : 1 صفحة : 96
ثم الحوض إذا كان كبيراً بحيث لا يخلص بعضه إلى بعض حتى وقع فيه نجاسة حتى لا يتنجس جميعه هل يتنجس شيء منه؟ فهذا على وجهين: أما إن كانت النجاسة مرئية أو غير مرئية.
فإن كانت مرئية لا يتوضأ من الجانب الذي وقعت فيه النجاسة، وإنما يتوضأ من ناحية أخرى كما في الماء الجاري.
بعد هذا اختلف المشايخ قال بعضهم: يحرك الماء بيده مقدار ما يحتاج إليه عند الوضوء والاستعمال فإن تحركت النجاسة لم يستعمل الماء من ذلك الموضع. وقال بعضهم: يتنجس حول البعرة مقدار حوض صغير وما رواه ظاهر.
وقال بعضهم: يتحرى في ذلك إن وقع تحريه أن النجاسة لم تخلص إلى هذا الموضع توضأ وشرب منه. ويبنى على هذا ما إذا توضأ في بعضه فوجد في النجاسة بعدما فرغ من الوضوء.
وأما إذا كانت النجاسة غير مرئية بأن بال فيها إنسان واغتسل فيها جنب، حكي عن مشايخ العراق أنهم قالوا: لا فرق بين النجاسة المرئية وغيرها فإنما يجوز له التوضؤ من جانب آخر. ومشايخ بخارى ومشايخ بلخ رحمهم الله فرقوا بين المرئية وغيرها فقالوا: في غير المرئية يتوضأ من الجانب الذي وقعت فيه النجاسة كما يتوضأ من الجانب الآخر بخلاف المرئية لأن الحوض الكبير بمنزلة الماء الجاري.
والجواب في الماء الجاري على هذا الوجه: إن كانت النجاسة مرئية لا يتوضأ من الموضع الذي وقعت فيه النجاسة ويتوضأ من موضع آخر، وإن كانت غير مرئية يتوضأ من أي جانب شاء، بدليل مسألة كتاب الأشربة وقد مرّ ذكرها.
وينبني على هذا ما إذا غسل وجهه في حوض كبير فسقط غسالة وجهه في الماء فرفع الماء في موضع الوقوع قبل التحريك. قالوا على قول أبي يوسف لا يجوز ما لم يتحرك الماء؛ لأن الذي وقع فيه الماء مستعمل، والماء المستعمل عنده نجس. وإلى هذا القول كان يميل القاضي الإمام أبو جعفر الاستروشني رحمه الله.
وغيره من مشايخ بخارى جوزوا ذلك وجعلوا كالماء الجاري الكثير لما توسعوا فيه لعموم البلوى.
ومن هذا الجنس مسألة أخرى وصورتها: إذا كانت به قرحة فغسل الدماء أو القيح فيها أو غسل النجاسة عن موضع من أعضائه أو ثوبه أو استنجى ودفع ذلك في الماء، أما إذا تغير الماء لا شك أنه يتنجس موضع التغير، وإن لم يتغير يدخل فيه شبهة (في) قول أبي يوسف رحمه الله.
وفي «أجناس الناطفي» أن من اغتسل من حوض فلا حرج أن يتوضأ في ذلك المكان، وليس لرجل أن يغتسل في الحوض الكبير بناحية الجيفة، وإذا كان الماء في ... أو خندق وله طول مثلاً مائة ذراع وعرضه ذراع أو ذراعان فاعلم بأن في جنس هذه المسألة أقوال ثلاثة، على قول أبي سليمان الجوزجاني يجوز التوضؤ منه. (12أ1) من غير تفصيل به ولو وقع فيه نجاسة يتنجس وطول عشرة أذرع. وقال محمد بن إبراهيم: الكبير إن كان هذا الماء مقدار ما لو جعل في حوض عرضه عشرة في عشرة ملأ الحوض
اسم الکتاب : المحيط البرهاني في الفقه النعماني المؤلف : ابن مازَة الجزء : 1 صفحة : 96