اسم الکتاب : المحيط البرهاني في الفقه النعماني المؤلف : ابن مازَة الجزء : 1 صفحة : 53
الصلوات التي لا تتصل أوقاتها، ولذلك صورتان:
إحداهما: إذا توضأت بعد طلوع الفجر للفجر، وطلعت الشمس تنتقض طهارتها عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله بخروج الوقت، حتى لم يكن لها أن تصلي صلاة الضحى بتلك الطهارة، وكذلك عند أبي يوسف؛ لأنه يعتبر أي الأمرين وجد إما الخروج أو الدخول، وعند زفر لا تنتقض لانعدام دخول الوقت.
والثانية: إذا توضأت بعدما طلعت الشمس لا تنتقض طهارتها إلا بخروج وقت الظهر عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، حتى كان لها أن تصلي الظهر بتلك الطهارة، وعند أبي يوسف وزفر تنتقض بدخول وقت الظهر.
والصحيح ما قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله؛ لأن طهارة المستحاضة للحاجة إلى أداء فرض الوقت، وخروج الوقت يدل على انقضاء الحاجة، وانقضاء الحاجة يدل على انتقاض الطهارة، أما دخول الوقت يدل على تحقق الحاجة، وتحقق الحاجة يدل على ثبوت الطهارة يجب أن يضاف انتقاض الطهارة إلى خروج الوقت الدال على انتفاء الحاجة التي تدل على انتقاض الطهارة، لا إلى دخول الوقت الدال على تحقق الحاجة التي تدل على ثبوت الطهارة.
وأصل آخر: أن طهارة المستحاضة متى انتقضت بخروج الوقت عندهما يستند الانتقاض إلى السيلان السابق، وهذا لأن خروج الوقت ليس سبباً لانتقاض الطهارة؛ لأنه ليس بحدث، ولا يثبت حكم ما بغير سبب، فيثبت الانتقاض مستنداً إلى السيلان السابق، ليكون الانتقاض بسببه هذا كما قلنا في البيع بشرط الخيار إذا سقط الخيار بمضي المدة أو بإسقاطهما ويثبت الملك، يثبت مستنداً إلى البيع ولا يقتصر، لأن الملك حكم لا بد له من السبب، ولا سبب هنا سوى البيع ويستند الملك إليه ليكون ثبوت الملك بسببه إلا أن الاستناد إنما يظهر في حق القائم من الأحكام، ولا يظهر في حق المقتضي، ولهذا لا يظهر في حق الصلاة المؤداة حتى لا يبطل ما أدت من الصلاة.
وأصل آخر: أن الطهارة متى وقعت للسيلان لا يضرها سيلان مثله في الوقت ويضرها حدث آخر، وخروج الوقت. ومتى وقعت للحدث يضرها حدث آخر والسيلان، ولا يضرها خروج الوقت، وإنما تعتبر الطهارة واقعة للسيلان إذا كان السيلان مقارناً للطهارة حقيقة أو اعتباراً، فالحقيقة ظاهرة، والاعتبار: أن يكون الدم منقطعاً وقت الطهارة حقيقة ثم سال قبل أن يستوعب الانقطاع وقت صلاة كامل، ويشترط مع ذلك أن تكون الطهارة محتاجاً إليها لأجل السيلان.
وإنما تعتبر الطهارة واقعة للحدث إذا لم يكن السيلان مقارناً للطهارة حقيقة واعتباراً والحقيقة ظاهرة، والاعتبار: أن يكون الدم منقطعاً وقت الطهارة واستوعب الانقطاع وقت صلاة كامل، أما الطهارة إذا وقعت للسيلان إنما لا يضرها سيلان مثله في الوقت؛ لأن الدم يسيل مرة بعد مرة فتبقى مشغولة بالوضوء في كل الوقت، فتحرج ويضرها حدث آخر؛ لأنه لا يوجد مرة بعد مرة أخرى، فلا تبقى مشغولة بالوضوء في الوقت لا محالة.
اسم الکتاب : المحيط البرهاني في الفقه النعماني المؤلف : ابن مازَة الجزء : 1 صفحة : 53