اسم الکتاب : المحيط البرهاني في الفقه النعماني المؤلف : ابن مازَة الجزء : 1 صفحة : 453
وكذلك إذا قام (إلى) الثانية ولم يقيدها بسجدة قطعها؛ لأنه لو قيدها بالسجدة لا يمكنه القطع بعد ذلك؛ لأنه يصير...... لأكثر. وإن قيدها الثانية بالسجدة أتمها، فلا يشرع في صلاة الإمام بعدما أتمها؛ لأنه لو شرع لا يخلو إما أن يسلم على رأس الركعتين أو يسلم مع الإمام على رأس الثالثة أو يقوم، فيضيف إليها ركعة أخرى حتى يصير أربعاً لا وجه أن يسلم على رأس الركعتين؛ لأنه يصير مخالفاً لإمامه ومخالفة الإمام مكروه، قال عليه السلام: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه» ولا وجه أن يسلم مع الإمام على رأس الثالثة؛ لأنه يصير متنفلاً بثلاث ركعات غير مشروع، ولا وجه إلى أن نضيف إليها ركعة أخرى لتصير أربعاً؛ لأنه يصير متنفلاً بأربع ركعات، وقد قعد على رأس الثالثة، وإنه مكروه. وعن أبي يوسف له قال الأحسن أن يدخل مع الإمام، ويصلي أربعاً يصلي ثلاث ركعات مع الإمام.
وإذا فرغ الإمام قام وأتم الرابعة أكثر ما فيه أن فيهن نوع تغيير إلا أن هذا التغيير، إنما وقع بسبب الاقتداء، والتغيير بسبب الاقتداء لا بأس به، كمن أدرك الإمام في السجدة، فإنه يتابعه فيها، والسجود قبل الركوع غير مشروع، وكمن أدرك الإمام في القعدة، فإنه يتابعه فيها، والقعدة قبل أداء الأركان ليس بمشروع، فعلم أن التغيير إذا وقع بسبب الاقتداء لا بأس به، وعندنا إن دخل في صلاة الإمام فعل كما قال أبو يوسف.
وعن أبي يوسف نظرية أخرى أنه يدخل في صلاة الإمام، ويسلم على رأس الثالثة مع الإمام؛ لأن هذا تغير وقع في التطوع بسبب الاقتداء، فلا يكون به بأس كما إذا صلى الظهر وحده أولاً، ثم يدخل في هذا الظهر مع الإمام، وترك الإمام للقراءة في الأخريين، فإنه يجوز صلاة المقتدي وهذه الصلاة تطوع في حق المقتدي، وإذا تطوع منفرداً على هذا الوجه لا يجوز، ولكن لما كان هذا تغيير بسبب الاقتداء لم يكن به بأس.
وإذا صلى الظهر في بيته يوم الجمعة ثم صلى الجمعة مع الإمام فالجمعة فريضة، ويصير الظهر نفلاً له، فهذا؛ لأنه مأمور بالسعي إلى الجمعة، قال الله تعالى: {فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (الجمعة: 9) ، ويعد أداء الظهر في بيته هذا الأمر؟ وكان مفترضاً في أداء الجمعة لا متطوعاً، ولا يجتمع فرضان في وقت واحد، فمن ضرورة كون الجمعة فرضاً ينقلب ما أداها قبلها تطوعاً، بخلاف سائر الأيام، فإن في سائر الأيام لو صلى الظهر في بيته، ثم شرع فيها مع الإمام، فإن الأولى تكون فرضاً، والثانية تطوعاً؛ لأن بعد أداء الظهر في سائر الأيام في بيته لا يبقى مخاطباً بشهود الجمعة في تلك الصلاة، فإذا شهد ما كان متنفلاً بها.
يوضح الفرق بينهما: أن الجمعة عبادة مقصودة بنفسها، وليست بتبع للظهر، فلا تسقط بأداء الفرض، فأما الجمعة تبع للظهر؛ لأنه وصف للظهر، فإذا سقط الأصل سقط التبع ضرورة، وأما إذا شرع في النفل ثم أقيمت الفريضة وهو قائم في الركعة الأولى لا يقطع بالاتباع، ولكن يتم ذلك بالشفع، ويدخل في الفرض.
اسم الکتاب : المحيط البرهاني في الفقه النعماني المؤلف : ابن مازَة الجزء : 1 صفحة : 453