responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 96
كُلُّهَا ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي الْخَابِيَةِ الثَّانِيَةِ إلَى الرُّسْغِ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ خَابِيَةٍ زَادَ قَلِيلًا فَحِينَئِذٍ الْكُلُّ نَجِسٌ كَمَا قَالَا، فَإِنْ كَانَ فِي الْخَوَابِي خَلٌّ فَالْجَوَابُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَخْرُجُ يَدُهُ مِنْ الْخَابِيَةِ الثَّالِثَةِ طَاهِرَةً وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَاتِ بِالْمَائِعَاتِ الطَّاهِرَةِ سِوَى الْمَاءِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الثَّوْبُ وَالْبَدَنُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ جَمِيعًا وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَصَلَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ لَا تَزُولُ النَّجَاسَةُ عَنْهُ إلَّا بِالْمَاءِ وَفِي الثَّوْبِ تَزُولُ عَنْهُ بِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ يَنْعَصِرُ بِالْعَصْرِ فَأَمَّا مَا لَا يَنْعَصِرُ كَالدُّهْنِ وَالسَّمْنِ لَا تَجُوزُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِهِ.
حُجَّةُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْله تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] فَقَدْ خَصَّ الْمَاءَ بِكَوْنِهِ مُطَهِّرًا وَاعْتَبَرَ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ بِإِزَالَةِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَهَارَةٌ وَهِيَ شَرْطُ الصَّلَاةِ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْمَاءِ فَكَذَلِكَ الْآخَرُ وَلَا عِبْرَةَ بِزَوَالِ الْعَيْنِ، فَكَمَا تَزُولُ بِالْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ تَزُولُ بِالْأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ كَبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَلَمْ يُعْتَبَر ذَلِكَ، فَهَذَا مِثْلُهُ وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الثَّوْبَ قَبْلَ إصَابَةِ النَّجَاسَةِ كَانَ طَاهِرًا وَبَعْدَ الْإِصَابَةِ الْوَاجِبُ إزَالَةُ عَيْنِ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ قَطَعَهُ بِالْمِقْرَاضِ بَقِيَ الثَّوْبُ طَاهِرًا وَإِزَالَةُ الْعَيْنِ كَمَا تَحْصُلُ بِالْمَاءِ تَحْصُلُ بِسَائِرِ الْمَائِعَاتِ وَرُبَّمَا يَكُونُ تَأْثِيرُ الْخَلِّ فِي قَلْعِ النَّجَاسَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَأْثِيرِ الْمَاءِ فَإِذَا زَالَتْ بِهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ يَبْقَى كَمَا كَانَ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْعَصِرُ فَإِنَّهُ يَتَشَرَّبُ فِي الثَّوْبِ فَتَزْدَادُ بِهِ النَّجَاسَةُ وَلَا تَزُولُ. وَفِي بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: إنَّ النَّجَاسَةَ الْأُولَى تَزُولُ بِهِ لَكِنْ تَبْقَى نَجَاسَةُ الْبَوْلِ حَتَّى يَكُونَ التَّقْدِيرُ فِيهِ بِالْكَثِيرِ الْفَاحِشِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّطْهِيرَ بِالنَّجِسِ لَا يَكُونُ لِمَا بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ مِنْ التَّضَادِّ فَأَمَّا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ فَطَهَارَةٌ حُكْمِيَّةٌ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا بِمَا تَعَبَّدَنَا بِهِ وَإِنَّمَا تَعَبَّدَنَا بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ مَوْجُودٌ لَا يَلْحَقُ النَّاسَ حَرَجٌ فِي إفْسَادِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ فَإِنَّهَا أَمْوَالٌ يَلْحَقُ النَّاسَ حَرَجٌ فِي فَسَادِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ. وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِهَذَا الْمَعْنَى فَرَّقَ بَيْنَ النَّجَاسَةِ عَلَى الْبَدَنِ وَعَلَى الثَّوْبِ فَقَالَ: مَا كَانَ عَلَى الْبَدَنِ فَهُوَ نَظِيرُ الْحَدَثِ الْحُكْمِيِّ؛ لِأَنَّ فِي تَطْهِيرِ الْبَدَنِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الثَّوْبِ قَالَ فَإِنْ صُبَّ خَابِيَةٌ مِنْهَا فِي بِئْرِ مَاءٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَنْزَحُوا الْأَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ دَلْوًا وَمِنْ مِقْدَارِ الْخَابِيَةِ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ فِيهَا نَجَاسَةُ فَأْرَةٍ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست