responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 62
اغْتَسَلَتْ مِنْ إنَاءٍ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْهُ فَقَالَتْ إنِّي كُنْتُ جُنُبًا فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْمَاءُ لَا يُجْنِبُ»، وَاَلَّذِي رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ وُضُوءِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ بِفَضْلِ وُضُوءِ الرَّجُلِ» شَاذٌّ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَلَا يَكُونُ حُجَّةً.

(وَإِذَا نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ، وَالِاسْتِنْشَاقَ فِي الْجَنَابَةِ حَتَّى صَلَّى لَمْ يُجْزِهِ)، وَهُوَ عِنْدَنَا الْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ فَرْضَانِ فِي الْجَنَابَةِ سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سُنَّتَانِ فِيهِمَا، وَقَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ فَرْضَانِ فِيهِمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِنْشَاقَ دُونَ الْمَضْمَضَةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمُوَاظَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا فِي الْوُضُوءِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ كَانَ يُوَاظِبُ فِي الْعِبَادَاتِ عَلَى مَا فِيهِ تَحْصِيلُ الْكَمَالِ كَمَا يُوَاظِبُ عَلَى الْأَرْكَانِ.
وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَمَرَ بِتَطْهِيرِ أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ لَا تَجُوزُ إلَّا بِمَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسْخُ، وَعَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَعْرَابِيَّ الْوُضُوءَ، وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا فِيهِ. وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، وَالْإِطْهَارُ إمْرَارُ الطَّهُورِ عَلَى الظَّوَاهِرِ مِنْ الْبَدَنِ، وَالْفَمِ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّائِمَ إذَا ابْتَلَعَ بُزَاقَهُ لَمْ يَضُرَّهُ، وَبِدَلِيلِ الْوُضُوءِ فَالْفَمُ، وَالْأَنْفُ مَوْضِعُهُمَا الْوَجْهُ، وَالْغُسْلُ فَرْضٌ فِيهِمَا.
وَبِدَلِيلِ غُسْلِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَضْمَضَةٌ، وَلَا اسْتِنْشَاقٌ، وَإِمَامُنَا فِي الْمَسْأَلَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَإِنَّهُ قَالَ: هُمَا فَرْضَانِ فِي الْجَنَابَةِ سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ أَلَا فَبُلُّوا الشَّعْرَ، وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ»، وَفِي الْفَمِ بَشَرَةٌ.
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ الْبَشَرَةُ الْجِلْدَةُ الَّتِي تَقِي اللَّحْمَ مِنْ الْأَذَى، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ فِي الْجَنَابَةِ عَذَّبَهُ اللَّهُ بِالنَّارِ» كَذَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْت شَعْرِي، وَفِي الْأَنْفِ شَعَرَاتٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ لِلْفَمِ حُكْمَيْنِ حُكْمُ الظَّاهِرِ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى إذَا أَخَذَ الصَّائِمُ الْمَاءَ بِفِيهِ لَمْ يَضُرَّهُ، وَحُكْمُ الْبَاطِنِ مِنْ وَجْهٍ كَمَا قَالَ فَفِيمَا يَعُمُّ جَمِيعَ الظَّاهِرِ أَلْحَقْنَاهُ بِالظَّاهِرِ، وَفِيمَا يَخُصُّ بَعْضَهُ أَلْحَقْنَاهُ بِالْبَاطِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ بَعْضَ مَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَفْوًا فَمَا هُوَ بَاطِنٌ مِنْ وَجْهٍ أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْجَنَابَةَ تَحِلُّ الْفَمَ، وَالْأَنْفَ بِدَلِيلِ أَنَّ الْجُنُبَ مَمْنُوعٌ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
وَالْحَدَثُ لَا يَحِلُّهُمَا بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُحْدِثَ لَا يُمْنَعُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَفِي غُسْلِ الْمَيِّتِ سُقُوطُ الْمَضْمَضَةِ، وَالِاسْتِنْشَاقِ لِلتَّعَذُّرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ كَبَّهُ حَتَّى يَخْرُجَ الْمَاءُ مِنْ فِيهِ، وَبِدُونِهِ يَكُونُ سُقْيًا لَا مَضْمَضَةَ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْفَرَائِضِ لَمْ يَصِحَّ شُرُوعُهُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى إذَا قَهْقَهَ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست