responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 53
فَيَجْعَلُ يَدَهُ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ كَالْمِغْرَفَةِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْمُحْدِثِ فَكَذَلِكَ فِي الْجُنُبِ، وَالْحَائِضِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ فَرُبَّمَا بَدَأْت أَنَا، وَرُبَّمَا بَدَأَ هُوَ، وَكُنْتُ أَقُولُ أَبْقِ لِي، وَهُوَ يَقُولُ بَقِّ لِي»، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي قَالَ إذَا أَدْخَلَ الْجُنُبُ يَدَهُ، أَوْ رِجْلَهُ فِي الْبِئْرِ لَمْ يُفْسِدْهُ، وَإِنْ أَدْخَلَ رِجْلَهُ فِي الْإِنَاءِ أَفْسَدَهُ، وَهَذَا لِمَعْنَى الْحَاجَةِ فَفِي الْبِئْرِ الْحَاجَةُ إلَى إدْخَالِ الرِّجْلِ لِطَلَبِ الدَّلْوِ فَجُعِلَ عَفْوًا، وَفِي الْإِنَاءِ الْحَاجَةُ إلَى إدْخَالِ الْيَدِ فَلَا تُجْعَلُ الرِّجْلُ عَفْوًا فِيهِ، وَإِنْ أَدْخَلَ فِي الْبِئْرِ بَعْضَ جَسَدِهِ سِوَى الْيَدِ، وَالرِّجْلِ أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ.

وَقَالَ فِي الْأَصْلِ إذَا اغْتَسَلَ الطَّاهِرُ فِي الْبِئْرِ أَفْسَدَهُ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُسْتَعْمِلَ لِلْمَاءِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا فَالْمَاءُ بِفِعْلِهِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا فَإِذَا اغْتَسَلَ فِي الْبِئْرِ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا، وَقَوْلُهُ أَفْسَدَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ الْمَاءِ هُوَ النَّجِسُ، وَإِذَا انْغَمَسَ فِيهِ لِطَلَبِ دَلْوٍ، وَلَيْسَ عَلَى بَدَنِهِ قَذَرٌ لَمْ يُفْسِدْ الْمَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ إزَالَةُ الْحَدَثِ، وَلَا إقَامَةُ الْقُرْبَةِ لَمَّا لَمْ يَغْتَسِلْ فِيهِ، وَإِنْ انْغَمَسَ فِي جُبٍّ يَطْلُبُ دَلْوًا لَمْ يُفْسِدْ الْمَاءَ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ مِنْ الْغَسْلِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ، وَيُجْزِئُهُ مِنْ الْغُسْلِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي أَنَّ الْمَاءَ يَفْسُدُ، وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ الْغُسْلِ. مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ هَذَا الْخِلَافُ يَنْبَنِي عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْمَاءُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ إمَّا بِإِزَالَةِ الْحَدَثِ، أَوْ بِإِقَامَةِ الْقُرْبَةِ فَلَوْ زَالَ الْحَدَثُ هُنَا صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا فَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ الِاغْتِسَالِ فَلِهَذَا قَالَ الرَّجُل بِحَالِهِ، وَالْمَاءُ بِحَالِهِ، وَمِنْ أَصْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا بِإِقَامَةِ الْقُرْبَةِ، وَالِاغْتِسَالُ يَتَحَصَّلُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَكَانَ الرَّجُلُ طَاهِرًا، وَالْمَاءُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ لِعَدَمِ الْقَصْدِ مِنْهُ إلَى إقَامَةِ الْقُرْبَةِ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ فَإِنَّ هَذَا الْمَذْهَبُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ عَنْ مُحَمَّدٍ نَصًّا، وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ إزَالَةَ الْحَدَثِ بِالْمَاءِ مُفْسِدٌ لِلْمَاءِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا بَيَّنَّا فِي الْجُنُبِ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ، وَفِي الْبِئْرِ مَعْنَى الضَّرُورَةِ مَوْجُودٌ فَإِنَّهُمْ إذَا جَاءُوا بِغَوَّاصٍ لِطَلَبِ دَلْوِهِمْ لَا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يُكَلِّفُوهُ الِاغْتِسَالَ أَوَّلًا فَلِهَذَا لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا، وَلَكِنَّ الرَّجُلَ يَطْهُرُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُطَهِّرٌ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ. وَجْهُ رِوَايَةِ الْإِمْلَاءِ أَنَّهُ كَمَا أَدْخَلَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ فِي الْبِئْرِ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا فَبَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ اغْتَسَلَ، أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ لَمْ يُطَهِّرْهُ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ.

قَالَ (وَإِنْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ بَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَفْسَدَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 53
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست