responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 46
ذَوَائِبَهَا ثَلَاثًا مَعَ كُلِّ بِلَّةٍ عَصْرَةٌ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَلَا فَبُلُّوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ» يَشْهَدُ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ.

(جُنُبٌ) اغْتَسَلَ فَانْتَضَحَ مِنْ غُسْلِهِ فِي إنَائِهِ لَمْ يُفْسِدْ عَلَيْهِ الْمَاءَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَمَنْ يَمْلِكُ سَيْلَ الْمَاءِ. وَلَمَّا سُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ هَذَا فَقَالَ إنَّا لَنَرْجُو مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ مَا هُوَ أَوْسَعُ مِنْ هَذَا، أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ يَكُونُ عَفْوًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ يَسِيلُ فِي إنَائِهِ لَمْ يَجُزْ الِاغْتِسَالُ بِذَلِكَ الْمَاءِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْكَثِيرَ يُمْكِنُ التَّحَرُّزَ عَنْهُ فَلَا يُجْعَلُ عَفْوًا، وَالْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ إنْ كَانَ يَسْتَبِينُ مَوَاقِعَ الْقَطْرِ فِي الْإِنَاءِ يَكُونُ كَثِيرًا.

قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ فِي وُضُوءٍ، أَوْ غَسْلِ شَيْءٍ مِنْ الْبَدَنِ)، وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ بَدَنَ الْجُنُبِ، وَالْمُحْدِثِ طَاهِرٌ حَتَّى لَوْ عَرِقَ فِي ثَوْبِهِ، أَوْ لَبِسَ ثَوْبًا مَبْلُولًا لَمْ يُفْسِدْ الثَّوْبَ،، وَاسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي مَحَلٍّ طَاهِرٍ لَا يُغَيِّرُ صِفَتَهُ كَمَا لَوْ غُسِلَ بِهِ إنَاءٌ طَاهِرٌ.
(وَلَنَا) قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ، وَلَا يَغْتَسِلَنَّ فِيهِ مِنْ جَنَابَةٍ» فَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاغْتِسَالَ يُفْسِدُ الْمَاءَ، وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي مُسَافِرٍ مَعَهُ مَاءٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِشُرْبِهِ إنَّهُ يَتَيَمَّمُ، وَيُمْسِكُ الْمَاءَ لِعَطَشِهِ فَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ بِالِاسْتِعْمَالِ لَأَمَرَا بِالتَّوَضُّؤِ فِي إنَاءٍ، ثُمَّ بِالْإِمْسَاكِ لِلشُّرْبِ، وَالْعَادَةُ جَرَتْ بِصَبِّ الْغُسَالَةِ فِي السَّفَرِ، وَالْحَضَرِ مَعَ عِزَّةِ الْمَاءِ فِي السَّفَرِ فَذَلِكَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى تَغَيُّرِ الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ.

ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ نَجِسٌ إلَّا أَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهِ بِالْكَثِيرِ الْفَاحِشِ، وَهُوَ رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ نَجِسٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ، وَهُوَ رِوَايَةُ زُفَرَ، وَعَافِيَةُ الْقَاضِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْحَدَثَ الْحُكْمِيَّ أَغْلَظُ مِنْ النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ، ثُمَّ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ بِالْمَاءِ تُنَجِّسُهُ فَإِزَالَةُ الْحَدَثِ الْحُكْمِيِّ بِهِ أَوْلَى، وَلِهَذَا قَالَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: التَّقْدِيرُ فِيهِ بِالدِّرْهَمِ كَمَا فِي النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ، وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ فَإِنَّ لِلْبَلْوَى تَأْثِيرًا فِي تَخْفِيفِ النَّجَاسَةِ،، وَمَعْنَى الْبَلْوَى فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ ظَاهِرٌ فَإِنَّ صَوْنَ الثِّيَابِ عَنْهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي نَجَاسَتِهِ فَلِذَلِكَ خَفَّ حُكْمُهُ.
وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا رُوِيَ «الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - كَانُوا يَتَبَادَرُونَ إلَى وَضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَمْسَحُونَ بِهِ أَعْضَاءَهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْهُ أَخَذَ بَلَلًا مِنْ كَفِّ صَاحِبِهِ»، وَالتَّبَرُّكُ بِالنَّجَسِ لَا يَكُونُ، وَالْمَعْنَى

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 46
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست