responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 41
الْأَمَالِي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ صَاحِبَ هَوًى أَوْ بِدْعَةٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَرْغَبُونَ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ.
وَإِنَّمَا جَازَ إمَامَةُ الْأَعْمَى؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّةً وَعِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ مَرَّةً وَكَانَا أَعْمَيَيْنِ»، وَالْبَصِيرُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَعْدَ مَا كُفَّ بَصَرُهُ أَلَا تَؤُمُّهُمْ؟ قَالَ: كَيْف أَؤُمُّهُمْ وَهُمْ يُسَوُّونَنِي إلَى الْقِبْلَةِ؟ وَلِأَنَّ الْأَعْمَى قَدْ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَصُونَ ثِيَابَهُ عَنْ النَّجَاسَاتِ فَالْبَصِيرُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ.
وَأَمَّا جَوَازُ إمَامَةِ الْأَعْرَابِيِّ، فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَثْنَى عَلَى بَعْضِ الْأَعْرَابِ بِقَوْلِهِ: {وَمِنْ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ} [التوبة: 99] الْآيَةَ وَغَيْرُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ عَلَيْهِمْ غَالِبٌ وَالتَّقْوَى فِيهِمْ نَادِرَةٌ، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ - تَعَالَى - بَعْضَ الْأَعْرَابِ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} [التوبة: 97]، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَجَوَازُ إمَامَتِهِ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أَسِيدٍ قَالَ عَرَّسْتُ وَأَنَا عَبْدٌ فَدَعَوْتُ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ أَبُو ذَرٍّ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَقَدَّمُونِي فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَغَيْرُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّاسَ قَلَّمَا يَرْغَبُونَ فِي الِاقْتِدَاءِ بِالْعَبِيدِ وَالْجَهْلُ عَلَيْهِمْ غَالِبٌ لِاشْتِغَالِهِمْ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى عَنْ تَعَلُّمِ الْأَحْكَامِ، وَالتَّقْوَى فِيهِمْ نَادِرَةٌ وَكَذَلِكَ وَلَدُ الزِّنَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ يُفَقِّهُهُ فَالْجَهْلُ عَلَيْهِ غَالِبٌ وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ»، فَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَتْ كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164].
ثُمَّ الْمُرَادُ شَرُّ الثَّلَاثَةِ نَسَبًا أَوْ قَالَهُ فِي وَلَدِ زِنًا بِعَيْنِهِ نَشَأَ مُرْتَدًّا، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُؤْمِنًا فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ صَحِيحٌ.

قَالَ: (وَيَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ وَأَفْضَلُهُمْ وَرَعًا وَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا) لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا وَأَفْضَلُهُمْ وَرَعًا»، وَزَادَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَحْسَنُهُمْ وَجْهًا»، فَبَعْضُ مَشَايِخِنَا اعْتَمَدُوا ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَقَالُوا مَنْ يَكُونُ أَقْرَأَ لِكِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - يُقَدَّمُ فِي الْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَأَ بِهِ وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ»، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ إذَا كَانَ يَعْلَمُ مِنْ الْقُرْآنِ مِقْدَارَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ وَالْعِلْمَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَالْخَطَأُ الْمُفْسِدُ لِلصَّلَاةِ فِي الْقِرَاءَةِ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْعِلْمِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست