responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 36
اللَّهُ الْكَبِيرُ، اللَّهُ كَبِيرٌ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَصِيرُ شَارِعًا إلَّا بِلَفْظَتَيْ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ الْأَكْبَرُ. وَعِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَصِيرُ شَارِعًا إلَّا بِقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ امْرِئٍ حَتَّى يَضَعَ الطَّهُورَ مَوَاضِعَهُ وَيَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَيَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ»، وَبِهَذَا احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَلَكِنَّهُ يَقُولُ اللَّهُ الْأَكْبَرُ أَبْلَغُ فِي الثَّنَاءِ بِإِدْخَالِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ فِيهِ فَهُوَ أَوْلَى وَأَبُو يُوسُفَ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ»، فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظَةِ التَّكْبِيرِ، وَفِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ يُعْتَبَرُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ وَلَا يُشْتَغَلُ بِالتَّعْلِيلِ حَتَّى لَا يُقَامَ السُّجُودُ عَلَى الْخَدِّ وَالذَّقَنِ مَقَامَ السُّجُودِ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَالْأَذَانُ لَا يُنَادَى بِغَيْرِ لَفْظِ التَّكْبِيرِ فَالتَّحْرِيمُ لِلصَّلَاةِ أَوْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اسْتَدَلَّا بِحَدِيثِ مُجَاهِدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ الْأَنْبِيَاءُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ»، وَلِأَنَّ الرُّكْنَ ذِكْرُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ، وَهُوَ الثَّابِتُ بِالنَّصِّ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15]، وَإِذَا قَالَ اللَّهُ أَعْظَمُ أَوْ اللَّهُ أَجَلُّ فَقَدْ وُجِدَ مَا هُوَ الرُّكْنُ، فَأَمَّا لَفْظُ التَّكْبِيرِ وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ فَيُوجِبُ الْعَمَلَ بِهِ حَتَّى يُكْرَهَ افْتِتَاحَ الصَّلَاةِ بِغَيْرِهِ لِمَنْ يُحْسِنُهُ وَلَكِنَّ الرُّكْنَ مَا هُوَ الثَّابِتُ بِالنَّصِّ، ثُمَّ مَنْ قَالَ الرَّحْمَنُ أَكْبَرُ فَقَدْ أَتَى بِالتَّكْبِيرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ اُدْعُوا اللَّهَ أَوْ اُدْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110] الْآيَةَ. وَالتَّكْبِيرُ بِمَعْنَى التَّعْظِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} [يوسف: 31] أَيْ عَظَّمْنَهُ: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] أَيْ فَعَظِّمْ وَالتَّعْظِيمُ حَصَلَ بِقَوْلِهِ اللَّهُ أَعْظَمُ.

(فَأَمَّا) الْأَذَانُ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِعْلَامُ وَبِتَغْيِيرِ اللَّفْظِ يَفُوتُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ، فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَذَانٌ، فَإِنْ قَالَ اللَّهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا بِهَذَا اللَّفْظِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ تَمَامَ التَّعْظِيمِ بِذِكْرِ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَصِيرُ شَارِعًا؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الِاسْمِ مَعْنَى التَّعْظِيمِ، فَإِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ التَّأَلُّهِ، وَهُوَ التَّحَيُّرُ، وَإِنْ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي لَا يَصِيرُ شَارِعًا؛ لِأَنَّ هَذَا سُؤَالٌ وَالسُّؤَالُ غَيْرُ الذِّكْرِ «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيمَا يُؤْثَرُ عَنْ رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ»، فَإِنْ قَالَ اللَّهُمَّ فَالْبَصْرِيُّونَ مِنْ أَهْلِ النَّحْوِ قَالُوا الْمِيمُ بَدَلٌ عَنْ يَاءِ النِّدَاءِ فَهُوَ كَقَوْلِكَ يَا اللَّهُ فَيَصِيرُ شَارِعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ قَالُوا الْمِيمُ بِمَعْنَى السُّؤَالِ أَيْ يَا اللَّهُ آمِنَّا بِخَيْرٍ، فَلَا يَصِيرُ شَارِعًا بِهِ.

وَلَوْ كَبَّرَ بِالْفَارِسِيَّةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الذِّكْرُ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِكُلِّ لِسَانٍ
وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إلَّا أَنْ لَا يُحْسِنَ الْعَرَبِيَّةَ فَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ فِي مُرَاعَاةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَمُحَمَّدٌ فَرَّقَ فَقَالَ لِلْعَرَبِيَّةِ مِنْ الْفَضِيلَةِ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست