responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 30
مِنْ غَيْرِهِ أَوْ ذَكَرَهُ بِنَفْسِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ، وَهُوَ قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ فَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.

(ثُمَّ يَدْعُو بِحَاجَتِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7] {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8] قِيلَ مَعْنَاهُ إذَا فَرَغْتُ مِنْ الصَّلَاةِ فَانْصَبْ لِلدُّعَاءِ وَارْغَبْ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - بِالْإِجَابَةِ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ صَلَاتِهِ يَتَعَوَّذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْمَغْرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ»، وَلَمَّا عَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - التَّشَهُّدَ قَالَ لَهُ: «وَإِذَا قُلْتَ هَذَا فَاخْتَرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ»، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَدْعُو بِكَلِمَاتِ مِنْهُنَّ: " اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ".

قَالَ: (ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَنْ يَمِينِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَالْأُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَتَحْلِيلُهَا السَّلَامُ»، وَقَدْ جَاءَ أَوَانُ التَّحْلِيلِ. وَمَنْ تَحَرَّمَ لِلصَّلَاةِ فَكَأَنَّهُ غَابَ عَنْ النَّاسِ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يُكَلِّمُونَهُ وَعِنْدَ التَّحْلِيلِ يَصِيرُ كَأَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِمْ فَيُسَلِّمُ. والتَّسْلِيمَتَانِ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَكِبَارِ الصَّحَابَةِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَكَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَهَكَذَا رَوَتْ عَائِشَةُ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَخْذُ بِرِوَايَةِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ أَوْلَى، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَ: «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى»، فَأَمَّا عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَكَانَتْ تَقِفُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الصِّبْيَانِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا لَمْ يَسْمَعَا التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى مَا رُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ الثَّانِيَةُ أَخْفَضُ مِنْ الْأُولَى».

(ثُمَّ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى يُحَوِّلُ وَجْهَهُ عَلَى يَمِينِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى يَسَارِهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَوِّلُ وَجْهَهُ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ أَوْ قَالَ الْأَيْسَرِ»، يَحْكِي الرَّاوِي بِهَذَا شِدَّةَ الْتِفَاتِهِ.

قَالَ: (وَيَنْوِي بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ مِنْ الْحَفَظَةِ وَالرِّجَالِ وَبِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ مَنْ عَنْ يَسَارِهِ مِنْهُمْ)؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقْبِلُهُمْ بِوَجْهِهِ وَيُخَاطِبُهُمْ بِلِسَانِهِ فَيَنْوِيهِمْ بِقَلْبِهِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا يَصِيرُ عَزِيمَةً بِالنِّيَّةِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - وَرَاءَ لِسَانِ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ فَلْيَنْظُرْ امْرُؤٌ مَا يَقُولُ»، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَفَظَةَ هُنَا وَأَخَّرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَتَّى ظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَا ذَكَرَ هُنَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلِ فِي تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْبَشَرِ وَمَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ الْآخِرِ فِي تَفْضِيلِ الْبَشَرِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَلَيْسَ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست