responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 25
وَيَقْعُدُ عَلَيْهَا وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى نَصَبًا» وَمَا رُوِيَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْعُذْرِ لِلْكِبَرِ وَلِأَنَّ الْقُعُودَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا أَشُقُّ عَلَى الْبَدَنِ: «وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَقَالَ أَحَمْزُهَا»، أَيْ أَشَقُّهَا عَلَى الْبَدَنِ وَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا كَانَ مُتَكَرِّرًا مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَالثَّانِي لَا يُخَالِفُ الْأَوَّلَ فِي الصِّفَةِ كَسَائِرِ الْأَفْعَالِ، فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَقْعُدَ مُتَوَرِّكَةً لِمَا رُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى امْرَأَتَيْنِ تُصَلِّيَانِ فَلَمَّا فَرَغَتَا دَعَاهُمَا وَقَالَ: اسْمَعَانِ، إذَا قَعَدْتُمَا فَضُمَّا بَعْضَ اللَّحْمِ إلَى الْأَرْضِ»، وَلِأَنَّ هَذَا أَقْرَبُ إلَى السَّتْرِ فِي حَقِّهِنَّ.

قَالَ (وَيَكُونُ مُنْتَهَى بَصَرِهِ فِي صَلَاتِهِ حَالَ الْقِيَامِ مَوْضِعَ سُجُودِهِ) لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا صَلَّى سَمَا بِبَصَرِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ فَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] رَمَى بِبَصَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ»، وَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] قَالَ أَبُو طَلْحَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا الْخُشُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَنْ يَكُونَ مُنْتَهَى بَصَرِ الْمُصَلِّي حَالَ الْقِيَامِ مَوْضِعَ سُجُودِهِ»، ثُمَّ فَسَّرَ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُنْتَهَى بَصَرِهِ مَوْضِعَ سُجُودِهِ، وَفِي الرُّكُوعِ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ، وَفِي السُّجُودِ عَلَى أَرْنَبَةِ أَنْفِهِ، وَفِي الْقُعُودِ عَلَى حِجْرِهِ زَادَ بَعْضُهُمْ وَعِنْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَعِنْدَ التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ، فَالْحَاصِلُ أَنْ يَتْرُكَ التَّكَلُّفَ فِي النَّظَرِ فَيَكُونُ مُنْتَهَى بَصَرِهِ مَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَلَا يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ عَلِمَ الْمُصَلِّي مَنْ يُنَاجِي مَا الْتَفَتَ»، وَلَمَّا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: «تِلْكَ خِلْسَةٌ يَخْتَلِسُهَا الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ»، وَحَدُّ الِالْتِفَاتِ الْمَكْرُوهِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ وَوَجْهَهُ عَلَى وَجْهٍ يَخْرُجُ وَجْهُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ، فَأَمَّا إذَا نَظَرَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنَيْهِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ، فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا لِمَا رُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُلَاحِظُ أَصْحَابَهُ فِي صَلَاتِهِ بِمُؤَخَّرِ عَيْنَيْهِ».

(وَلَا يَعْبَثُ فِي الصَّلَاةِ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ وَثِيَابِهِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا الرَّفَثَ فِي الصَّوْمِ وَالْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ وَالضَّحِكَ فِي الْمَقَابِرِ»، وَلَمَّا «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يُصَلِّي، وَهُوَ يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ قَالَ لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ»، فَجَعَلَ فِعْلَهُ دَلِيلَ نِفَاقِهِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ تَأْوِيلُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ أَنَّ الرَّجُلَ مُنَافِقٌ مُسْتَهْزِئٌ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفِعْلُ مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ فَلَا؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ قَلَّمَا يَنْجُو مِنْهُ.

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست