responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 246
وَالْإِقَامَةَ وَيَرَى شُهُودَ النَّاسِ الْجَمَاعَاتِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، فَإِنَّمَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ مَا لَا يَشْتَبِهُ، وَلِأَنَّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَجِدُ مَنْ يَسْأَلُ مِنْهُ، فَتَرْكُ السُّؤَالِ تَقْصِيرٌ مِنْهُ بِخِلَافِ دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنْ بَلَّغَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِيمَا تَرَكَ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا لَمْ يُخْبِرْهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ هَذَا خَبَرٌ مُلْزِمٌ، وَمِنْ أَصْلِهِ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي الْخَبَرِ الْمُلْزِمِ، كَمَا قَالَ فِي حَقِّ الْحَجْرِ عَلَى الْمَأْذُونِ وَعَزْلِ الْوَكِيلِ وَالْإِخْبَارِ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ. وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مَأْمُورٌ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ بِالتَّبْلِيغِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا مَقَالَةً فَوَعَاهَا كَمَا سَمِعَهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا» فَهَذَا الْمُبَلِّغُ نَظِيرُ الرَّسُولِ مِنْ الْمَوْلَى وَالْمُوَكِّلِ، وَخَبَرُ الرَّسُولِ هُنَاكَ مُلْزِمٌ فَهَهُنَا كَذَلِكَ.

قَالَ: (رَجُلٌ تَرَكَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الظُّهْرَ الَّذِي تَرَكَ أَوَّلًا أَوْ الْعَصْرَ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ)؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ، وَلَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا إلَّا بِالتَّحَرِّي فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى كَمَا إذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ رَأْيٌ وَأَرَادَ الْأَخْذَ بِالثِّقَةِ صَلَّاهُمَا ثُمَّ أَعَادَ الْأُولَى مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى التَّحَرِّي؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ مَا تَرَكَ إلَّا صَلَاتَيْنِ فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ، وَهَذَا نَظِيرُ مَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ لَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إلَى الْجِهَاتِ كُلِّهَا احْتِيَاطِيًّا وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: الْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَاتِ أَصْلٌ، وَفِي إعَادَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا تَيَقُّنٌ بِأَدَاءِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ التَّرْتِيبِ بِخِلَافِ أَمْرِ الْقِبْلَةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ لَا تَكُونُ قُرْبَةً، فَلَا يَحْصُلُ مَعْنَى الِاحْتِيَاطِ بِمُبَاشَرَةِ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ. فَأَمَّا هَهُنَا إعَادَةُ الْأُولَى إمَّا أَنْ تَكُونَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَهُوَ قُرْبَةٌ، وَهُوَ نَظِيرُ مَنْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً لَا يَدْرِي أَيَّمَا هِيَ مِنْ صَلَوَاتِ الْيَوْمِ أَوْ اللَّيْلَةِ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ احْتِيَاطًا، وَكَذَلِكَ لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةٍ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: يُعِيدُ الْفَجْرَ وَالْمَغْرِبَ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِنِيَّةِ مَا عَلَيْهِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ: يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِنِيَّةِ مَا عَلَيْهِ بِثَلَاثِ قَعَدَاتٍ، وَهَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ، فَإِنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتَأَدَّى إلَّا بِتَعْيِينِ النِّيَّةِ، وَفِيمَا قَالُوا تَضْيِيعُ النِّيَّةِ، فَكَيْفَ يَتَأَدَّى بِهِ الْقَضَاءُ، وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَا أَنَّهُ يُعِيدُ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ احْتِيَاطًا فَهَذَا مِثْلُهُ.

قَالَ: (رَجُلٌ أَمَّ نِسَاءً لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ فَأَحْدَثَ فَذَهَبَ وَتَوَضَّأَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَصَلَاةُ النِّسْوَةِ فَاسِدَةٌ)؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَالْمُنْفَرِدِ لَا تَتَعَلَّقُ صَلَاتُهُ بِصَلَاةِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَبْقَ لِلنِّسْوَةِ إمَامٌ فِي الْمَسْجِدِ فَتَفْسُدُ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 246
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست