responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 238
مَا يُصَلِّي فِيهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ خَرَجَ مُسَافِرًا صَلَّى أَرْبَعًا وَهُوَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمَا بِأَوَّلِ الْوَقْتِ، فَإِذَا كَانَ مُقِيمًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَجَبَ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْمُقِيمِينَ فَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ، وَعِنْدَنَا الْوُجُوبُ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ بَيْنَ الْأَدَاءِ، وَالتَّأْخِيرُ وَالْوُجُوبُ يَنْفِي التَّخَيُّرَ، وَالتَّخَيُّرُ يَنْفِي الْوُجُوبَ، وَلَوْ مَاتَ فِي الْوَقْتِ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَدَلَّ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ، فَإِذَا كَانَ مُسَافِرًا فِي آخِرِ الْوَقْتِ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا خَرَجَ مُسَافِرًا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ يُصَلِّي صَلَاةَ السَّفَرِ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ مَا دُونَ ذَلِكَ صَلَّى صَلَاةَ الْمُقِيمِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لَا يَسَعُهُ إلَى وَقْتٍ لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: جُزْءٌ مِنْ الْوَقْتِ بِمَنْزِلَةِ جَمِيعِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ إدْرَاكَ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ وَإِنْ قَلَّ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فَوُجُودُ السَّفَرِ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ كَوُجُودِهِ فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ إلَّا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، فَإِذَا صَارَ مُسَافِرًا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ صَلَّى صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ، فَإِذَا صَارَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مُسَافِرًا لَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ، وَيُعْتَبَرُ جَانِبُ السَّفَرِ بِجَانِبِ الْإِقَامَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ دَخَلَ مِصْرَهُ قَبْلَ فَوَاتِ الْوَقْتِ صَلَّى صَلَاةَ الْمُقِيمِينَ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ شَيْئًا يَسِيرًا فَكَذَلِكَ فِي جَانِبِ السَّفَرِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْإِقَامَةِ إذَا دَخَلَ مِصْرَهُ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْرُجُ مُسَافِرًا إلَى الْغَزَوَاتِ ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا يُجَدِّدُ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ».

قَالَ: (وَإِذَا قَرُبَ الْمُسَافِرُ مِصْرَهُ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ صَلَّى صَلَاةَ الْمُسَافِرِ مَا لَمْ يَدْخُلْ مِصْرَهُ)؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - صَلَّى صَلَاةَ السَّفَرِ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَى بُيُوتِ الْكُوفَةِ حِينَ قَدِمَهَا مِنْ الْبَصْرَةِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ لِلْمُسَافِرِ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ مَا لَمْ تَدْخُلْ مَنْزِلَكَ، وَلِأَنَّهُ فِي مَوْضِعٍ لَوْ خَرَجَ مِنْ الْمِصْرِ إلَيْهِ عَلَى قَصْدِ السَّفَرِ مُسَافِرًا فَلَأَنْ يَبْقَى مُسَافِرًا بَعْدَ وُصُولِهِ إلَيْهِ أَوْلَى.

وَإِنْ كَانَ خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ مُسَافِرًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مِصْرِهِ لِحَاجَةٍ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَسِيرَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ صَلَّى صَلَاةَ الْمُقِيمِ فِي انْصِرَافِهِ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ عَزِيمَةَ السَّفَرِ بِعَزْمِهِ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطَنِهِ دُونَ مَسِيرَةِ السَّفَرِ، فَصَارَ مُقِيمًا مِنْ سَاعَتِهِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ مَاضٍ عَلَى سَفَرِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ مِصْرَهُ.

قَالَ: (رَجُلٌ خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ مُسَافِرًا فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَافْتَتَحَهَا ثُمَّ أَحْدَثَ فَانْفَتَلَ لِيَأْتِيَ مِصْرَهُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ مَا صَلَّى، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي صَلَاةَ الْمُقِيمِ، فَإِنْ تَكَلَّمَ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 238
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست