responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 236
بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِثَلَاثِ مَرَاحِلَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَادَ مِنْ السَّفَرِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرْحَلَةٌ وَاحِدَةٌ خُصُوصًا فِي أَقْصَرِ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قُدِّرَ بِيَوْمَيْنِ وَالْأَكْثَرِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَأَقَامَ الْأَكْثَرَ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَقَامَ الْكَمَالِ، وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ إذَا بَكَّرَ وَاسْتَعْجَلَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَصَلَ إلَى الْمَقْصِدِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأَقَمْنَا الْأَكْثَرَ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَقَامَ الْكَمَالِ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّقْدِيرِ بِالْفَرَاسِخِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الطُّرُقِ فِي السُّهُولِ وَالْجِبَالِ وَالْبَحْرِ وَالْبَرِّ، وَإِنَّمَا التَّقْدِيرُ بِالْأَيَّامِ وَالْمَرَاحِلِ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ عِنْدَ النَّاسِ فَيَرْجِعُ إلَيْهِمْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ، فَإِذَا قَصَدَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَصَرَ الصَّلَاةَ حِينَ تَخَلَّفَ عُمْرَانُ الْمِصْرِ؛ لِأَنَّهُ مَادَامَ فِي الْمِصْرِ فَهُوَ نَاوِي السَّفَرِ لَا مُسَافِرٌ، فَإِذَا جَاوَزَ عُمْرَانَ الْمِصْرِ صَارَ مُسَافِرًا لِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِعَمَلِ السَّفَرِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حِينَ خَرَجَ مِنْ الْبَصْرَةِ يُرِيدُ الْكُوفَةَ صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا ثُمَّ نَظَرَ إلَى خُصٍّ أَمَامَهُ فَقَالَ: لَوْ جَاوَزْنَا ذَلِكَ الْخُصَّ صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ.

قَالَ: (وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ أَقَامَ أَرْبَعًا صَلَّى أَرْبَعًا وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَخَرَجَ مِنْهَا إلَى مِنًى فِي الثَّامِنِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حَتَّى قَالَ بِعَرَفَاتٍ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمُ سَفَرٍ»، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْأَيَّامِ أَوْ بِالشُّهُورِ، وَالْمُسَافِرُ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ الْمُقَامِ فِي الْمَنَازِلِ أَيَّامًا لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ لِطَلَبِ الرُّفْقَةِ فَقَدَّرْنَا أَدْنَى مُدَّةِ الْإِقَامَةِ بِالشُّهُورِ، وَذَلِكَ نِصْفُ شَهْرٍ، وَلِأَنَّ مُدَّةَ الْإِقَامَةِ فِي مَعْنَى مُدَّةِ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ يُعِيدُ مَا سَقَطَ مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، فَكَمَا يَتَقَدَّرُ أَدْنَى مُدَّةِ الْإِقَامَةِ فِي مَعْنَى الطُّهْرِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَكَذَلِكَ أَدْنَى مُدَّةِ الْإِقَامَةِ، وَلِهَذَا قَدَّرْنَا أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اعْتِبَارًا بِأَدْنَى مُدَّةِ الْحَيْضِ، وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَخَّصَ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمُقَامِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بِالزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِقَامَةِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: إنَّمَا قَدَّرْنَا بِهَذَا؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ حَوَائِجَهُمْ كَانَتْ تَرْتَفِعُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا لِتَقْدِيرِ أَدْنَى مُدَّةِ الْإِقَامَةِ.

قَالَ: (وَإِذَا قَدِمَ الْكُوفِيُّ مَكَّةَ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يُقِيمَ فِيهَا وَبِمِنًى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهُوَ مُسَافِرٌ)؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ مَا يَكُونُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْإِقَامَةَ ضِدُّ السَّفَرِ، وَالِانْتِقَالُ مِنْ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 236
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست