responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 212
عُرْيَانَةً؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ مِنْهَا عَوْرَةٌ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: تُجْزِئُهَا صَلَاتُهَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» مَعْنَاهُ صَلَاةَ بَالِغَةٍ فَثَبَتَ أَنَّ صَلَاةَ غَيْرِ الْبَالِغَةِ تَجُوزُ بِغَيْرِ الْخِمَارِ، وَلِأَنَّ مِنْ الْبَالِغَاتِ مَنْ تُصَلِّي بِغَيْرِ قِنَاعٍ وَهِيَ الْمَمْلُوكَةُ وَتَجُوزُ صَلَاتُهَا فَصَلَاةُ غَيْرِ الْبَالِغَةِ أَوْلَى، بِخِلَافِ الْعُرْيَانَةِ.

قَالَ: (وَلِلْأَمَةِ أَنْ تُصَلِّيَ بِغَيْرِ قِنَاعٍ) لِحَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ إذَا رَأَى جَارِيَةً مُتَقَنِّعَةً عَلَاهَا بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: أَلْقِي عَنْكِ الْخِمَارَ يَا دَفَارِ أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ قَائِمٌ فِيهِنَّ فَلَيْسَ لِرُءُوْسِهِنَّ حُكْمُ الْعَوْرَةِ، فَإِنْ أُعْتِقَتْ فِي صَلَاتِهَا أَخَذَتْ قِنَاعَهَا وَمَضَتْ فِي صَلَاتِهَا اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ تَسْتَقْبِلُ كَالْعُرْيَانَةِ إذَا وَجَدَتْ ثَوْبًا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ فَرْضَ السَّتْرِ لَزِمَهَا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ مَقْصُورًا عَلَيْهَا، وَقَدْ أَتَتْ بِهِ كَمَا لَزِمَهَا، بِخِلَافِ الْعُرْيَانَةِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ السَّتْرِ كَانَ عَلَيْهَا الشُّرُوعُ، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ عُرْيَانَةً بِعُذْرِ الْعَجْزِ، فَإِذَا أُزِيلَ اسْتَقْبَلَتْ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ تَوَضَّأَ وَاسْتَقْبَلَ، وَالْمُتَوَضِّئُ إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ تَوَضَّأَ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ فَهَذَا مِثْلُهُ.

[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]
الْأَصْلُ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191] قَالَ الضَّحَّاكُ فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ بَيَانُ حَالِ الْمَرِيضِ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ «وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: كَيْفَ أُصَلِّي فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى الْجَنْبِ تُومِئُ إيمَاءً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَاَللَّهُ أَوْلَى بِالْعُذْرِ» أَيْ بِقَبُولِ الْعُذْرِ مِنْكَ، وَلِأَنَّ الطَّاعَةَ عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. فَإِذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: الْمَرِيضُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ يُصَلِّي قَائِمًا، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ يُصَلِّي قَاعِدًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَإِذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقُعُودِ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّهُ وُسْعُ مِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَعَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فَإِنَّهُ يَقْعُدُ، وَفَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الصَّوْمِ، فَإِنَّ الْمَرِيضَ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الصَّوْمِ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ ثُمَّ عَجَزَ، فَإِنَّهُ لَا يَصُومُ أَصْلًا وَهُنَا يُصَلِّي.
وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي الصَّوْمِ لَمَّا أَفْطَرَ فِي آخِرِ الْيَوْمِ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ مُعْتَدًّا فَلَا يَشْتَغِلُ بِهِ، وَفِي الصَّلَاةِ وَإِنْ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست