responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 203
الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَطْهُرُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْكَلْبِ نَجِسٌ عِنْدَهُمَا، وَلَكِنَّا نَقُولُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مُبَاحٌ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ، فَلَوْ كَانَ عَيْنُهُ نَجِسًا لَمَا أُبِيحَ الِانْتِفَاعُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْجِلْدُ غَيْرَ مَدْبُوغٍ فَصَلَّى فِيهِ أَوْ صَلَّى وَمَعَهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنْ لَحْمِ الْمَيْتَةِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ، وَإِنْ صَلَّى وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْوَافِهَا وَشُعُورِهَا أَوْ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهِمَا حَيَاةٌ، وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعَظْمِ حَيَاةٌ دُونَ الشَّعْرِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] وَلِأَنَّهُ يَنْمُو بِتَمَادِي الرُّوحِ فَكَانَ فِيهِ حَيَاةٌ فَيُحِلُّهُ الْمَوْتُ فَيَتَنَجَّسُ بِهِ وَمَالِكٌ يَقُولُ: الْعَظْمُ يَتَأَلَّمُ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي السِّنِّ بِخِلَافِ الشَّعْرِ.
(وَلَنَا) أَنَّهُ مُبَانٌ مِنْ الْحَيِّ فَلَا يَتَأَلَّمُ بِهِ وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أُبِينَ مِنْ الْحَيِّ فَهُوَ مَيِّتٌ» فَلَوْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ لَمَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلَا نَقُولُ: إنَّ الْعَظْمَ يَتَأَلَّمُ بَلْ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ، فَاللَّحْمُ يَتَأَلَّمُ، وَبَيْنَ النَّاسِ كَلَامٌ فِي السِّنِّ أَنَّهُ عَظْمٌ أَوْ طَرَفُ عَصَبٍ يَابِسٍ، فَإِنَّ الْعَظْمَ لَا يَحْدُثُ فِي الْبَدَنِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَتَأْوِيلُ قَوْله تَعَالَى {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] أَيْ النُّفُوسَ، وَفِي الْعَصَبِ رِوَايَتَانِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهَا حَيَاةٌ لِمَا فِيهَا مِنْ الْحَرَكَةِ وَيُنَجَّسُ بِالْمَوْتِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَتَأَلَّمُ الْحَيُّ بِقَطْعِهِ، بِخِلَافِ الْعَظْمِ فَإِنَّ قَطْعَ قَرْنِ الْبَقَرَةِ لَا يُؤْلِمُهَا، فَدَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعِظَامِ حَيَاةٌ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِالْمَوْتِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ «مَرَّ بِشَاةٍ مُلْقَاةٍ لِمَيْمُونَةَ فَقَالَ: هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا، فَقِيلَ: إنَّهَا مَيِّتَةُ فَقَالَ: إنَّمَا حُرِّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا» وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ مَصْلَحَةِ الْأَكْلِ لَا يَتَنَجَّسُ بِالْمَوْتِ.

وَعَلَى هَذَا شَعْرُ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ حَلَقَ شَعْرَهُ قَسَمَ شَعْرَهُ أَصْحَابُهُ، فَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا جَازَ لَهُمْ التَّبَرُّكُ بِهِ، وَلَكِنْ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ لَا لِنَجَاسَتِهِ، وَكَذَلِكَ عَظْمُهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ، وَاَلَّذِي قِيلَ إذَا طُحِنَ سِنُّ الْآدَمِيِّ مَعَ الْحِنْطَةِ لَمْ يُؤْكَلْ، وَذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْآدَمِيِّ لَا لِنَجَاسَتِهِ.

فَأَمَّا الْخِنْزِيرُ فَهُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ عَظْمُهُ وَعَصَبُهُ فِي النَّجَاسَةِ كَلَحْمِهِ، فَأَمَّا شَعْرُهُ فَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِلْخَرَّازِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، وَفِي طَهَارَتِهِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ طَاهِرٌ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ طَاهِرٌ لَمَّا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَائِزًا وَلِهَذَا جَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْعَهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ لَا يَتَأَدَّى بِهِ إلَّا بَعْدَ الْمِلْكِ وَهُوَ نَجِسٌ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالضَّرُورَةِ لَا يَعْدُوا مَوْضِعَهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَلْحَقَ الْفِيلَ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست