responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 201
أَعِينُونِي فَإِنِّي مُصَابٌ، وَلَوْ صَرَّحَ بِهَذَا لَمْ يَشْكُلْ فَسَادُ صَلَاتِهِ فَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَهُ بِالِاسْتِرْجَاعِ، وَإِذَا أُخْبِرَ بِخَبَرٍ يَسُرُّهُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَوْ أُخْبِرَ بِمَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَأَرَادَ جَوَابَ الْمُخْبِرِ فَقَدْ قَطَعَ صَلَاتَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ التَّحْمِيدُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّمَا هِيَ لِلتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ» فَمَا تَلَفَّظَ بِهِ شُرِعَتْ الصَّلَاةُ لِأَجْلِهِ، فَلَوْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ إنَّمَا تَفْسُدُ بِنِيَّتِهِ، وَمُجَرَّدُ نِيَّةِ الْكَلَامِ غَيْرُ مُفْسِدٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِرْجَاعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكُلَّ عَلَى الْخِلَافِ، وَمَنْ سَلَّمَ قَالَ: الِاسْتِرْجَاعُ إظْهَارُ الْمُصِيبَةِ وَمَا شُرِعَتْ الصَّلَاةُ لِأَجْلِهِ، وَالتَّحْمِيدُ إظْهَارُ الشُّكْرِ وَالصَّلَاةُ شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ.
(وَلَنَا) قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ سَبَّحَ مِنْ غَيْرِ غَضَبٍ وَلَا عَجَبٍ فَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ كَذَا» وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مُسَبِّحًا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّعَجُّبَ فَثَبَتَ لَهُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِهِ التَّعَجُّبَ كَانَ مُتَعَجِّبًا لَا مُسَبِّحًا، وَهَذَا لِأَنَّ الْكَلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى غَرَضِ الْمُتَكَلِّمِ، فَمَنْ رَأَى رَجُلًا اسْمُهُ يَحْيَى وَبَيْنَ يَدَيْهِ كِتَابٌ فَقَالَ: يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَأَرَادَ بِهِ خِطَابَهُ لَمْ يَشْكُلْ عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ لَا قَارِئٌ، وَإِذَا قِيلَ لِلْمُصَلِّي: بِأَيِّ مَوْضِعٍ مَرَرْت فَقَالَ: بِبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ وَأَرَادَ الْجَوَابَ لَا يَشْكُلُ أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِهِ، وَإِذَا أَنْشَدَ شِعْرًا فِيهِ ذَكَرُ اسْمِ اللَّهِ لَمْ يَشْكُلْ أَنَّهُ كَانَ مُنْشِدًا لَا ذَاكِرًا حَتَّى تَفْسُدَ صَلَاتُهُ، فَكَذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ.

قَالَ: (وَإِذَا قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ فِي الْمُصْحَفِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - صَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَيُكْرَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُكْرَهُ لِحَدِيثِ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا حَمْلُ الْمُصْحَفِ بِيَدِهِ وَالنَّظَرُ فِيهِ، وَلَوْ حَمَلَ شَيْئًا آخَرَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ، فَكَذَلِكَ الْمُصْحَفُ إلَّا أَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِفِعْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ مَا نُهِينَا عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَإِنَّا نَأْكُلُ كَمَا يَأْكُلُونَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ حَمْلَ الْمُصْحَفِ وَتَقْلِيبَ الْأَوْرَاقِ وَالنَّظَرَ فِيهِ وَالتَّفَكُّرَ فِيهِ لِيَفْهَمَ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَهُوَ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ، كَالرَّمْيِ بِالْقَوْسِ فِي صَلَاتِهِ وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ يَقُولُ: إذَا كَانَ الْمُصْحَفُ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ قَرَأَ بِمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَلَى الْمِحْرَابِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ. وَالْأَصَحُّ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ يُلَقَّنُ مِنْ الْمُصْحَفِ فَكَأَنَّهُ تَعَلَّمَ مِنْ مُعَلِّمٍ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِصَلَاتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ يَأْخُذُ مِنْ الْمُصْحَفِ يُسَمَّى صُحُفِيًّا، وَمِنْ لَا

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست