responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 2
يُنْكِرُ هَذَا، وَيَقُولُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِ الشَّرْعِ مَشْكُوكًا فِيهِ، وَلَكِنْ يُحْتَاطُ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ حَالَة الِاخْتِيَارِ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ احْتِيَاطًا فَبِأَيِّهِمَا بَدَأَ أَجْزَأَهُ إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ فَإِنَّهُ يَقُولُ يَبْدَأُ بِالْوُضُوءِ فَلَا يُعْتَبَرُ تَيَمُّمُهُ مَادَامَ مَعَهُ مَاءٌ هُوَ مَأْمُورٌ بِالتَّوَضُّؤِ بِهِ، وَلَكِنْ نَقُولُ الِاحْتِيَاطُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لَا فِي التَّرْتِيبِ فَإِنْ كَانَ طَاهِرًا فَقَدْ تَوَضَّأَ بِهِ قَدَّمَ، أَوْ أَخَّرَ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ، وَقَدْ أَتَى بِهِ، وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا تَرْكُ الِاحْتِيَاطِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ نَجِسًا تَتَنَجَّسُ بِهِ أَعْضَاؤُهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَعْنَى الشَّكِّ فِي طَهَارَتِهِ لَا فِي كَوْنِهِ طَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ يَقِينٌ فَأَمَّا الْعُضْوُ، وَالثَّوْبُ فَطَاهِرٌ بِيَقِينٍ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِالشَّكِّ، وَالْحَدَثُ مَوْجُودٌ بِيَقِينٍ فَالشَّكُّ وَقَعَ فِي طَهَارَتِهِ، وَالْيَقِينُ لَا يُزَالُ بِالشَّكِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ.

وَذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي لُعَابِ الْحِمَارِ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ مَا لَمْ يَفْحُشْ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَجْزَأَهُ، وَإِنْ فَحُشَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ غُمِسَ فِيهِ الثَّوْبُ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ، وَجَمِيعُ مَا بَيَّنَّا فِي الْحِمَارِ كَذَلِكَ فِي الْبَغْلِ فَإِنَّ وَالِدَهُ غَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ، وَالصَّحِيحُ فِي عَرَقِهِمَا أَنَّهُ طَاهِرٌ، وَأَشَارَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ فِيهِ مَا لَمْ يَفْحُشْ، وَالْأَصَحُّ هُوَ الْأَوَّلُ «فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْكَبُ حِمَارًا مُعْرَوْرِيًا»، وَالْحَرُّ حَرُّ تِهَامَةَ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَعْرَقَ الْحِمَارُ، وَلِأَنَّ مَعْنَى الْبَلْوَى فِي عَرَقِهِ ظَاهِرٌ لِمَنْ يَرْكَبُهُ.

فَأَمَّا سُؤْرُ الْفَرَسِ طَاهِرٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَلَحْمِهِ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ أَنَّ السُّؤْرَ لِمَعْنَى الْبَلْوَى أَخَفُّ حُكْمًا مِنْ اللَّحْمِ كَمَا فِي الْحِمَارِ، وَالْبَغْلِ، وَالْكَرَاهَةُ الَّتِي فِي اللَّحْمِ تَنْعَدِمُ فِي السُّؤْرِ لِيَظْهَرَ بِهِ خِفَّةُ الْحُكْمِ.

فَأَمَّا سُؤْرُ حَشَرَاتِ الْبَيْتِ كَالْفَأْرَةِ، وَالْحَيَّةِ، وَنَحْوِهِمَا فِي الْقِيَاسِ فَنَجِسٌ؛ لِأَنَّهَا تَشْرَبُ بِلِسَانِهَا، وَلِسَانُهَا رَطْبٌ مِنْ لُعَابِهَا، وَلُعَابُهَا يَتَحَلَّبُ مِنْ لَحْمِهَا، وَلَحْمُهَا حَرَامٌ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ طَاهِرٌ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْبَلْوَى الَّتِي، وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا فِي الْهِرَّةِ مَوْجُودَةٌ هُنَا فَإِنَّهَا تَسْكُنُ الْبُيُوتَ، وَلَا يُمْكِنُ صَوْنُ الْأَوَانِي عَنْهَا.

وَأَمَّا سُؤْرُ سِبَاعِ الطَّيْرِ كَالْبَازِي، وَالصَّقْرِ، وَالشَّاهِينِ، وَالْعُقَابِ، وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الطَّيْرِ فِي الْقِيَاسِ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ مُعْتَبَرٌ بِمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ سِبَاعِ الْوَحْشِ، وَلَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا فَقُلْنَا بِأَنَّهُ طَاهِرٌ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهَا تَشْرَبُ بِمِنْقَارِهَا، وَمِنْقَارُهَا عَظْمٌ جَافٌّ بِخِلَافِ سِبَاعِ الْوَحْشِ فَإِنَّهَا تَشْرَبُ بِلِسَانِهَا، وَلِسَانُهَا رَطْبٌ بِلُعَابِهَا، وَلِأَنَّ فِي سُؤْرِ سِبَاعِ الطَّيْرِ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 2
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست