responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 18
يَسْتَدِلُّ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا، فَلَا حَرَجَ»، وَهَذَا ضَعِيفٌ، فَإِنَّ آخِرَ الْفِعْلَيْنِ يَكُونُ نَاسِخًا لِأَوَّلِهِمَا وَالْقَوْلُ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ عَمَلًا لَا يَجُوزُ.

قَالَ (وَالْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)، وَإِنْ تَرَكَهَا جَازَ. وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. وَاسْتَدَلَّ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ»، وَهَذَا يَقْتَضِي فَرْضِيَّةَ الْقِرَاءَةِ لَا تَكْرَارَهَا، فَإِنَّ الْكُلَّ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَهَذَا ضَعِيفٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الِاكْتِفَاءُ بِالْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَفَعَلَهُ مَرَّةً تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ - تَعَالَى - الْفَاتِحَةَ مَثَانِيَ؛ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَيْ تُقْرَأُ مَرَّتَيْنِ.
وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - احْتَجَّ فَقَالَ أَجْمَعْنَا عَلَى فَرْضِيَّةِ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ التَّطَوُّعِ، وَالْفَرْضُ أَقْوَى مِنْ التَّطَوُّعِ فَثَبَتَتْ الْفَرْضِيَّةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الْفَرْضِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلِأَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَسَائِرُ الْأَرْكَانِ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَرْضٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَكَذَلِكَ رُكْنُ الْقِرَاءَةِ وَهَكَذَا قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا أَنَّهُ قَالَ: أُقِيمُ الْقِرَاءَةَ فِي أَكْثَرِ الرَّكَعَاتِ مَقَامَهَا فِي الْجَمِيعِ تَيْسِيرًا.
وَلَنَا إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ زَمَنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِهَةِ الثَّنَاءِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ: {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: 285] عَلَى جِهَةِ الثَّنَاءِ، وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقَضَاهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ وَجَهَرَ، وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَقَضَاهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَجَهَرَ، وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا كَانَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ يُسَبِّحَانِ، وَسَأَلَ رَجُلٌ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَقَالَتْ اقْرَأْ لِيَكُونَ عَلَى جِهَةِ الثَّنَاءِ وَكَفَى بِإِجْمَاعِهِمْ حُجَّةٌ.

قَالَ (ثُمَّ الْقِرَاءَةُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ ذَكَرَ يُخَافِتُ بِهَا فِي كُلِّ حَالٍ)، فَلَا تَكُونُ رُكْنًا كَثَنَاءِ الِافْتِتَاحِ وَتَأْثِيرُهُ أَنَّ مَبْنَى الْأَرْكَانِ عَلَى الشُّهْرَةِ وَالظُّهُورِ وَلَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ رُكْنًا لَمَا خَالَفَ الْأُولَيَيْنِ فِي الصِّفَةِ كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ، وَكُلُّ شَفْعٍ مِنْ التَّطَوُّعِ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ بِخِلَافِ الْفَرْضِ حَتَّى أَنَّ فَسَادَ الشَّفْعِ الثَّانِي فِي التَّطَوُّعِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 18
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست