responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 177
فَتَوَضَّأَ وَعَادَ إلَى مَكَانِهِ وَأَتَمَّ بِهِمْ الصَّلَاةَ أَجْزَأَهُمْ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ، وَأُرَاهُ قَبِيحًا أَنْ يَكُونَ الْقَوْمُ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدٍ وَإِمَامُهُمْ فِي أَهْلِهِ، فَأَمَّا مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَكَأَنَّهُ فِي الْمِحْرَابِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ فِي كَوْنِهِ مَكَانَ الصَّلَاةِ كَبُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مَا يُنَافِي الِاقْتِدَاءَ، فَأَمَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ فَقَدْ صَارَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مَا يُنَافِي الِاقْتِدَاءَ فَلِهَذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ.
قَالَ: (فَإِنْ قَدَّمُوا رَجُلًا قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ الْمَسْجِدِ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ)؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْقَوْمِ إيَّاهُ كَاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ، أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى لَا فَرْقَ بَيْنَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى رَجُلٍ وَبَيْنَ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي الِاسْتِخْلَافِ يَنْظُرُ لَهُمْ فِي إصْلَاحِ صَلَاتِهِمْ فَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا إلَى أَنْفُسِهِمْ أَيْضًا، فَإِنْ قَدَّمَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْ الْقَوْمِ رَجُلًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّهَا اُفْتُتِحَتْ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ إتْمَامُهَا بِإِمَامَيْنِ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ بِأَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَنْوِي كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَؤُمَّ نَفْسَهُ، وَهَذَا إذَا اسْتَوَى الْفَرِيقَانِ فِي الْعَدَدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، فَأَمَّا إذَا اقْتَدَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْقَوْمِ بِأَحَدِ الْإِمَامَيْنِ إلَّا رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ اقْتَدَيَا بِالثَّانِي فَصَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ الْجَمَاعَةُ صَحِيحَةٌ، وَصَلَاةُ الْآخَرَيْنِ فَاسِدَةٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ»، وَقَالَ عُمَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الشُّورَى إنْ اتَّفَقُوا عَلَى شَيْءٍ وَخَالَفَهُمْ وَاحِدٌ فَاقْتُلُوهُ، فَأَمَّا إذَا اقْتَدَى بِكُلِّ إمَامٍ جَمَاعَةٌ وَأَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْ الْآخَرِ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: صَلَاةُ الْأَكْثَرِينَ جَائِزَةٌ وَيَتَعَيَّنُ الْفَسَادُ فِي الْآخَرِينَ كَمَا فِي الْوَاحِدِ وَالْمَثْنَى، وَالْأَصَحُّ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاةُ الْفَرِيقَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمْعٌ تَامٌّ يَتِمُّ بِهِ نِصَابُ الْجُمُعَةِ فَيَكُونُ الْأَقَلُّ مُسَاوِيًا لِلْأَكْثَرِ حُكْمًا، كَالْمُدَّعِيَيْنِ يُقِيمُ أَحَدُهُمَا شَاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ عَشَرَةً مِنْ الشُّهُودِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْإِمَامُ هُوَ الَّذِي قَدَّمَ رَجُلَيْنِ فَهَذَا وَتَقْدِيمُ الْقَوْمِ إيَّاهُمَا سَوَاءٌ، وَإِنْ وَصَلَ أَحَدُهُمَا إلَى مَوْضِعِ الْإِمَامَةِ قَبْلَ الْآخَرِ تَعَيَّنَ لِلْإِمَامَةِ وَجَازَ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْلَافَ كَانَ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ بِوُصُولِهِ إلَى مَوْضِعِ الْإِمَامَةِ، فَاسْتِخْلَافُ الْآخَرِ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.

قَالَ: (وَإِنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ إلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ صَارَ هُوَ إمَامًا قَدَّمَهُ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ نَوَى هُوَ الْإِمَامَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ)؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ لِلِاسْتِخْلَافِ، فَإِنَّ صَلَاحِيَّتَهُ لِلِاسْتِخْلَافِ بِكَوْنِهِ شَرِيكَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مُزَاحِمَ لَهُ وَالْحَاجَةُ فِي هَذَا إلَى الِاسْتِخْلَافِ أَوْ النِّيَّةِ لِلتَّمْيِيزِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ لَا عِنْدَ التَّعَيُّنِ، فَإِذَا تَوَضَّأَ الْإِمَامُ رَجَعَ وَدَخَلَ مَعَ هَذَا فِي صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ تَحَوَّلَتْ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 177
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست