responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 16
وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَإِذَا قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] يَقُولُ اللَّهُ - تَعَالَى - حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3] قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ»، فَالْبُدَاءَةُ بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ إذْ لَوْ كَانَتْ آيَةً مِنْ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُنَاصَفَةُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ أَرْبَعُ آيَاتٍ إلَّا نِصْفًا، وَقَدْ نَصَّ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ وَالسَّلَفُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْكَوْثَرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ وَهِيَ ثَلَاثُ آيَاتٍ بِدُونِ التَّسْمِيَةِ وَلِأَنَّ أَدْنَى دَرَجَاتِ اخْتِلَافِ الْأَخْبَارِ وَالْعُلَمَاءِ إيرَاثُ الشُّبْهَةِ وَالْقُرْآنُ لَا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ، فَإِنَّ طَرِيقَهُ طَرِيقُ الْيَقِينِ وَالْإِحَاطَةِ.
(وَعَنْ) مُعَلَّى قَالَ قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ التَّسْمِيَةُ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ أَمْ لَا؟ قَالَ: مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ كُلُّهُ قُرْآنٌ. قُلْتُ: فَلِمَ لَمْ تَجْهَرْ؟ فَلَمْ يُجِبْنِي. فَهَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ بَيَانُ أَنَّهَا آيَةٌ أُنْزِلَتْ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ لَا مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ وَلِهَذَا كُتِبَتْ بِخَطٍّ عَلَى حِدَةٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَتَّى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُكْرَهُ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ قِرَاءَةُ التَّسْمِيَةِ عَلَى وَجْهِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهَا قُرْآنًا حُرْمَةَ قِرَاءَتِهَا عَلَى الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهَا قُرْآنًا الْجَهْرُ بِهَا كَالْفَاتِحَةِ فِي الْآخِرَتَيْنِ. وَدَلِيلُ هَذَا مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ لِعُثْمَانَ لِمَ لَمْ تَكْتُبْ التَّسْمِيَةَ بَيْنَ التَّوْبَةِ وَالْأَنْفَالِ؟ قَالَ: لِأَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ فَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا شَأْنَهَا فَرَأَيْتُ أَوَائِلَهَا يُشْبِهُ أَوَاخِرَ الْأَنْفَالِ فَأَلْحَقْتُهَا بِهَا فَهَذَا بَيَانٌ مِنْهُمَا أَنَّهَا كُتِبَتْ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا - أَنَّ الْمُصَلِّيَ يُسَمِّي فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ، ثُمَّ لَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّهَا لِافْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ كَالتَّعَوُّذِ. (وَرَوَى) الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُؤْتَى بِهَا فِي أَوَّلِ كُلِّ رَكْعَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ - وَالْآثَارِ فِي كَوْنِهَا آيَةً مِنْ الْفَاتِحَةِ. (وَرَوَى) ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ يُخْفِي الْقِرَاءَةَ يَأْتِي بِالتَّسْمِيَةِ بَيْنَ السُّورَةِ وَالْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى مُتَابَعَةِ الْمُصْحَفِ، وَإِذَا كَانَ يَجْهَرُ لَا يَأْتِي بِهَا بَيْنَ السُّورَةِ وَالْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ لَأَخْفَى بِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ سَكْتَةً لَهُ فِي وَسَطِ الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ مَأْثُورًا.

ثُمَّ قَالَ (وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَيُخَافِتُ فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ) وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ لَا قِرَاءَةَ فِي هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ»، أَيْ لَيْسَ فِيهَا قِرَاءَةٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست