responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 154
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا» فَقَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقْتَ التَّذَكُّرِ وَقْتًا لِلْفَائِتَةِ فَمِنْ ضَرُورَتِهَا أَنْ لَا يَكُونَ وَقْتًا لِغَيْرِهَا، وَأَدَاءُ الصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ حَالَةِ النِّسْيَانِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِلْفَائِتَةِ فَكَانَ وَقْتًا لِفَرْضِ الْوَقْتِ. ثُمَّ الْقَضَاءُ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ فَكَمَا يُرَاعَى التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ أَدَاءً فِي الْوَقْتِ فَكَذَلِكَ قَضَاءً بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فَلْيُصَلِّ مَعَهُ وَلْيَجْعَلْهَا تَطَوُّعًا ثُمَّ لِيَقْضِ مَا ذَكَرَهُ ثُمَّ لِيُعِدْ مَا كَانَ فِيهِ» وَبِعَيْنِ هَذَا نَقُولُ. وَفِيهِ تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ شَرْطٌ ثُمَّ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: النِّسْيَانُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الْمَغْرِبَ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ هَلْ رَآنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ صَلَّيْتُ الْعَصْرَ فَقَالُوا لَا فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُعِدْ الْمَغْرِبَ».
وَالثَّانِي: ضِيقُ الْوَقْتِ حَتَّى إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْفَائِتَةِ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ أَدَاءِ فَرْضِ الْوَقْتِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحِكْمَةِ تَدَارُكُ الْفَائِتَةِ بِتَفْوِيتِ مِثْلِهَا وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْفَائِتَةِ فَإِنَّهُ فَرْضُ الْوَقْتِ وَلَكِنْ هُنَا فِي هَذَا الْفَصْلِ لَوْ بَدَأَ بِالْفَائِتَةِ أَجْزَأَهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ هُنَاكَ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْبَدَاءَةِ بِالْفَائِتَةِ وَلَوْ بَدَأَ بِفَرْضِ الْوَقْتِ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْبُدَاءَةِ بِفَرْضِ الْوَقْتِ هُنَاكَ لِمَعْنًى فِي عَيْنِهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالتَّطَوُّعِ أَيْضًا وَالنَّهْيُ مَتَى لَمْ يَكُنْ لِمَعْنًى فِي عَيْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَمْنَعُ جَوَازَهُ.
وَالثَّالِثُ: كَثْرَةُ الْفَوَائِتِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ التَّرْتِيبُ عِنْدَنَا وَحَدُّ الْكَثْرَةِ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا؛ لِأَنَّ وَاحِدَةً مِنْهَا تَصِيرُ مُكَرَّرَةً وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى ضِيقِ الْوَقْتِ أَيْضًا فَلَوْ أَمَرْنَاهُ بِمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ مَعَ كَثْرَةِ الْفَوَائِتِ لَفَاتَهُ فَرْضُ الْوَقْتِ عَنْ وَقْتِهِ، وَعَنْ زُفَرَ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِي صَلَاةِ شَهْرٍ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ حَدَّ الْكَثْرَةِ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى شَهْرٍ وَكَانَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ يَقُولُ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً لَمْ يُجْزِهِ صَلَاةٌ فِي عُمْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْضِهَا إذَا كَانَ ذَاكِرًا لَهَا؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْفَوَائِتِ تَكُونُ عَنْ كَثْرَةِ تَفْرِيطِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّخْفِيفَ، ثُمَّ عِنْدَ كَثْرَةِ الْفَوَائِتِ كَمَا لَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فَرْضِ الْوَقْتِ لَا يَجِبُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِيمَا بَيْنَ الْفَوَائِتِ. وَعِنْدَ قِلَّةِ الْفَوَائِتِ يَجِبُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُغِلَ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَضَاهُنَّ بَعْدَ هَوِيٍّ مِنْ اللَّيْلِ مُرَتِّبًا ثُمَّ قَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ لَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَجَعَلَ أَوَّلَ وَقْتِ السَّادِسَةِ كَآخِرِهِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ فَبِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ لَا تَدْخُلُ الْفَوَائِتُ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 154
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست