responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 148
قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الْعِشَاءَ حِينَ يَسْقُطُ الْقَمَرُ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ» وَذَلِكَ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ يَكُونُ، وَلِأَنَّ فِي تَعْجِيلِهَا تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ خُصُوصًا فِي زَمَانِ الصَّيْفِ.
(وَلَنَا) مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَّرَ الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ثُمَّ خَرَجَ فَوَجَدَ أَصْحَابَهُ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَهُ فَقَالَ أَمَا أَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُ هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ وَلَوْلَا سَقَمُ السَّقِيمِ وَضَعْفُ الضَّعِيفِ لَأَخَّرْت الْعِشَاءَ إلَى هَذَا الْوَقْتِ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْت الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» (وَكَتَبَ) عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ صَلِّ الْعِشَاءَ حِينَ يَذْهَبُ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَإِنْ أَبَيْت فَإِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنْ نِمْت فَلَا نَامَتْ عَيْنَاك وَفِي رِوَايَةٍ فَلَا تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَخْتَارُ أَدَاءَ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ» وَالْعَفْوُ يَكُونُ بَعْدَ التَّقْصِيرِ، وَلِأَنَّ فِيهِ إحْرَازَ الْفَضِيلَةِ قَبْلَ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ عُذْرٌ يُعْجِزُهُ عَنْ إحْرَازِهَا وَأَصْحَابُنَا اخْتَارُوا التَّأْخِيرَ فَفِيهِ انْتِظَارٌ لِلصَّلَاةِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُنْتَظِرُ لِلصَّلَاةِ فِي الصَّلَاةِ مَا دَامَ يَنْتَظِرُهَا» وَفِي التَّأْخِيرِ تَكْثِيرُ الْجَمَاعَةِ أَيْضًا وَفِيهِ تَقْلِيلُ النَّوْمِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَا كَانَ امْتِدَادُ الْوَقْتِ إلَّا لِلتَّيْسِيرِ، وَفِي التَّأْخِيرِ إظْهَارُ مَعْنَى التَّيْسِيرِ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ «وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ» فَالْمُرَادُ بِالْعَفْوِ الْفَضْلُ قَالَ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ الْعَفْوُ هَاهُنَا عَلَى التَّجَاوُزِ عَنْ التَّقْصِيرِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي إمَامَةِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَأْخِيرُ الْأَدَاءِ لِلصَّلَاةِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي إلَى آخِرِ الْوَقْتِ وَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْصِدُ إلَى شَيْءٍ يَكُونُ فِيهِ تَقْصِيرٌ فَإِنَّ الزَّلَّةَ الَّتِي تَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - مَا تَكُونُ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ

قَالَ (وَفِي يَوْمِ الْغَيْمِ الْمُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَتَعْجِيلُ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ) وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى التَّأْخِيرُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ أَفْضَلُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ فَأَدَاءُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا أَوْ بَعْدَ ذَهَابِهِ يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ.
وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ فِي الْفَجْرِ الْمُسْتَحَبَّ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَجَّلَ بِهَا لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَقَعَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي وَلِأَنَّ النَّاسَ يَلْحَقُهُمْ الْحَرَجُ فِي التَّعْجِيلِ عِنْدَ الظُّلْمَةِ بِسَبَبِ الْغَيْمِ فَيُؤَخَّرُ لِيَكُونَ فِيهِ تَكْثِيرُ الْجَمَاعَةِ وَكَذَلِكَ فِي الظُّهْرِ يُؤَخَّرُ لِكَيْ لَا يَقَعَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيُعَجَّلُ الْعَصْرُ لِكَيْ لَا يَقَعَ فِي حَالِ تَغْيِيرِ الشَّمْسِ وَيُؤَخَّرَ الْمَغْرِبُ لِكَيْ لَا يَقَعَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 148
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست