responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 113
يَجِدُ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ وَالْعَجْزُ بِعَارِضٍ عَلَى شَرَفِ - الزَّوَالِ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَضِّئُهُ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ لِهَذَا ثُمَّ يُصَلِّي بِتَيَمُّمِهِ مَا شَاءَ مِنْ الصَّلَاةِ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ تَزُلْ الْعِلَّةُ.

وَكَذَلِكَ الْمُسَافِرُ يُصَلِّي بِتَيَمُّمِهِ مَا شَاءَ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يَجِدْ الْمَاءَ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجْمَعُ بَيْنَ فَرِيضَتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ النَّوَافِلِ مَا شَاءَ وَحُجَّتُهُ أَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَبِاعْتِبَارِ كُلِّ فَرِيضَةٍ تَتَجَدَّدُ الضَّرُورَةُ فَعَلَيْهِ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ، وَالنَّوَافِلُ تَبَعٌ لِلْفَرَائِضِ وَهُوَ نَظِيرُ مَذْهَبِهِ فِي طَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا. وَحُجَّتُنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التُّرَابِ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إلَى عَشْرِ حِجَجٍ مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ» فَقَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَهَارَةَ التَّيَمُّمِ مُمْتَدًّا إلَى غَايَةِ وُجُودِ الْمَاءِ وَيَتَبَيَّنُ بِهَذَا أَنَّهُ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ كَالْوُضُوءِ، ثُمَّ الْمُتَوَضِّئُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَا شَاءَ مَا لَمْ يُحْدِثْ فَهَذَا مِثْلُهُ وَلِأَنَّ بِالْفَرَاغِ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ لَمْ تَنْتَقِضْ طَهَارَتُهُ حَتَّى جَازَ لَهُ أَدَاءُ النَّافِلَةِ وَإِذَا بَقِيَتْ الطَّهَارَةُ فَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْفَرْضَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَقُومَ إلَيْهِ طَاهِرًا وَقَدْ وُجِدَ

قَالَ (وَإِنْ وَجَدَ الْمُتَيَمِّمُ الْمَاءَ فَلَمْ يَتَوَضَّأْ حَتَّى حَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَقَدْ عَدِمَ ذَلِكَ الْمَاءَ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ التَّيَمُّمِ) لِأَنَّهُ لَمَّا قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ وَصَارَ مُحْدِثًا بِالْحَدَثِ السَّابِقِ فَهَذَا مُحْدِثٌ لَا مَاءَ مَعَهُ فَعَلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِلصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ) فَهُوَ وَالْمَسْحُ بِالرَّأْسِ وَالْخُفِّ سَوَاءٌ وَقَدْ بَيَّنَّا.

قَالَ (وَإِنْ أَجْنَبَ الْمُسَافِرُ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مِقْدَارُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ يَتَيَمَّمُ عِنْدَنَا وَلَمْ يَسْتَعْمِلْ الْمَاءَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَوَضَّأُ بِذَلِكَ الْمَاءِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ. وَكَذَلِكَ الْمُحْدِثُ إذَا كَانَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لَغُسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ عِنْدَنَا يَتَيَمَّمُ وَعِنْدَهُ يَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ فِيمَا يَكْفِيهِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] فَذَكَرَهُ مُنَكِّرًا فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ فَمَا بَقِيَ وَاجِدًا لِشَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِيمَا يَكْفِيهِ فَهُوَ كَمَنْ أَصَابَتْهُ مَخْمَصَةٌ وَمَعَهُ لُقْمَةٌ مِنْ الْحَلَالِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْمَيْتَةَ مَا لَمْ يَتَنَاوَلْ تِلْكَ اللُّقْمَةَ الْحَلَالَ وَلَا يَبْعُدُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ كَمَا قُلْتُمْ فِي سُؤْرِ الْحِمَارِ.
(وَلَنَا) قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] فَإِنَّ الْمُرَادَ مَاءٌ يُطَهِّرُهُ. أَلَا تَرَى أَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ النَّجِسِ لَا يَمْنَعُهُ عَنْ التَّيَمُّمِ وَلِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا سَبَقَ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ حُكْمِ الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] فَيَكُونُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَاءُ الَّذِي يَتَوَضَّئُونَ بِهِ وَيَغْتَسِلُونَ بِهِ عِنْدَ الْجَنَابَةِ وَهُوَ غَيْرُ وَاجِدٍ لِذَلِكَ الْمَاءِ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُطَهِّرْهُ اسْتِعْمَالُ هَذَا الْمَاءِ لَا يَكُونُ فِي اسْتِعْمَالِهِ إلَّا مَضْيَعَةٌ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست