صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن أفضل الْأَعْمَال قَالَ أحمزها أَي أشقها على الْبدن وَسُئِلَ عَن أفضل الصَّدَقَة قَالَ جهد الْمقل
وَلِأَن الْآخِذ يحصل لنَفسِهِ مَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى اقْتِضَاء الشَّهَوَات والمعطي يخرج من ملكه مَا كَانَ يتَمَكَّن من اقْتِضَاء الشَّهَوَات وَأَعْلَى الدَّرَجَات منع النَّفس عَن اقْتِضَاء الشَّهَوَات الْفَصْل الثَّالِث
إِذا كَانَ الْمُعْطِي مُتَبَرعا والآخذ مفترضا بِأَنَّهُ كَانَ عَاجِزا عَن الْكسْب مُحْتَاجا إِلَى مَا يسد بِهِ رمقه فَعِنْدَ أهل الْفِقْه رَحِمهم الله الْمُعْطِي أفضل أَيْضا وَقَالَ أهل الحَدِيث أَحْمد بن حَنْبَل واسحاق بن رَاهَوَيْه رحمهمَا الله الْأَخْذ أفضل هُنَا لِأَنَّهُ بِالْأَخْذِ يُقيم بِهِ فرضا عَلَيْهِ والمعطي يتَنَفَّل وَقد بَينا أَن إِقَامَة الْفَرْض أَعلَى دَرَجَة من التَّنَفُّل وَلِأَن الْآخِذ لَو امْتنع من الْأَخْذ هُنَا كَانَ آثِما والمعطي لَو امْتنع من الْإِعْطَاء لم يكن آثِما إِذا كَانَ هُنَاكَ غَيره مِمَّن يُعْطِيهِ مِمَّا هُوَ فرض عَلَيْهِ وَالثَّوَاب مُقَابل بالعقوبة أَلا ترى أَن الله تَعَالَى هدد نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِضعْف مَا هدد بِهِ غَيْرهنَّ من النِّسَاء فَقَالَ عز وَجل {من يَأْتِ مِنْكُن بِفَاحِشَة مبينَة} الْآيَة ثمَّ جعل لَهُنَّ الثَّوَاب على الطَّاعَات ضعف مَا لغيرهن لقَوْله تَعَالَى {نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ} فَإِذا كَانَ الْإِثْم هُنَا فِي حق الْآخِذ دون الْمُعْطِي فَلذَلِك للآخذ أَكثر من