وَلَا تخلف عَن علمهَا، وَلَو لم يكن فِيهِ إِلَّا حث المقتبسين على مُشَاركَة المكتسبين فِي الْكسْب لأَنْفُسِهِمْ، والتناول من كد يديهم لَكَانَ يحِق على كل أحد إِظْهَار هَذَا النَّوْع من الْعلم.
وَقد كَانَ شَيخنَا الإِمَام رَحمَه الله بَين بعض ذَلِك على طَرِيق الْآثَار فَنَذْكُر مَا ذَكرْنَاهُ تبركا بالمسموع مِنْهُ، ونلحق بِهِ مَا تكلم فِيهِ أهل الْأُصُول رَحِمهم الله، وَمَا يجود بِهِ الخاطر من الْمعَانِي والإشارات.
بَاب
الِاكْتِسَاب فِي عرف أهل اللِّسَان تَحْصِيل المَال بِمَا يحل من الْأَسْبَاب وَاللَّفْظ فِي الْحَقِيقَة يسْتَعْمل فِي كل بَاب وَقد قَالَ الله تَعَالَى {أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} وَقَالَ عز وَجل {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} أَي بجنايتكم على أَنفسكُم فقد سمى جِنَايَة الْمَرْء على نَفسه كسبا وَقَالَ جلّ وَعلا فِي آيَة السّرقَة {جَزَاء بِمَا كسبا} أَي باشرا من ارْتِكَاب الْمَحْظُور فَعرفنَا أَن اللَّفْظ مُسْتَعْمل فِي كل بَاب وَلَكِن عِنْد الاطلاق يفهم مِنْهُ اكْتِسَاب المَال
ثمَّ بَدَأَ مُحَمَّد رَحمَه الله الْكتاب بقوله طلب الْكسْب فَرِيضَة على كل مُسلم كَمَا أَن طلب الْعلم فَرِيضَة وَبِهَذَا اللَّفْظ يرويهِ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم = أَنه قَالَ طلب الْكسْب فَرِيضَة على