اسم الکتاب : الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل الإمام أبي حنيفة المؤلف : الغزنوي، سراج الدين الجزء : 1 صفحة : 20
نقول بموجبه فإنه لا يحصل له ثواب الوضوء بدون النية، إذ الثواب لا يحصل إلا بالقربة ولا يقع قربة إلا بالنية عندنا أيضاً، ولكنه يقع مفتاحاً للصلاة بدونها.
الثاني: أن الوضوء عبادة لأنه مأمور به وكل مأمور به عبادة محتاج إلى النية؛ لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [1]. والإخلاص لا يتحقق إلا بالنية فالوضوء لا يصح إلا بالنية.
الجواب عنه: لا نسلم أن كل عبادة تحتاج إلى النية فإن تطهير الثوب مأمور به وعبادة بقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [2]. وستر العورة بقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [3]. أي استروا عورتكم عند كل صلاة، واستقبال القبلة بقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} 4. وأداء الأمانة بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} 5. وغير ذلك ومع هذا لا يشترط لهذه الأشياء النية، على أن العبادة على نوعين: مقصودة لذاتها كالصلاة وهي لا تصح إلا بالنية، وغير مقصودة لذاتها بل هي وسيلة لغيرها كالوضوء وغيره من الشرائط فإنه لا يراعى وجودها قصداً فيتحقق بدون النية، وهذا لأن النص مطلق فيقتضي كون الإخلاص شرطاً في العبادة المطلقة الكاملة.
الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس للمرء من عمله إلا ما نوى" فالوضوء الذي لا يكون منويا لا يرفع الحدث.
الجواب عنه: أن معنى الحديث "ليس للمرء من ثواب عمله إلا [1] سورة البينة: الآية 5 [2] سورة المدثر:4. [3] سورة الأعراف: الآية 31.
4سورة البقرة: الآية 144
5سورة النساء: الآية 58.
اسم الکتاب : الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل الإمام أبي حنيفة المؤلف : الغزنوي، سراج الدين الجزء : 1 صفحة : 20