responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العناية شرح الهداية المؤلف : البابرتي    الجزء : 1  صفحة : 9
مُسْتَرْشِدِينَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ وَلِيُّ الْإِرْشَادِ، وَخَصَّ أَوَائِلَ الْمُسْتَنْبِطِينَ بِالتَّوْفِيقِ حَتَّى وَضَعُوا مَسَائِلَ مِنْ كُلِّ جَلِيٍّ وَدَقِيقٍ غَيْرَ أَنَّ الْحَوَادِثَ مُتَعَاقِبَةُ الْوُقُوعِ، وَالنَّوَازِلُ يَضِيقُ عَنْهَا نِطَاقُ الْمَوْضُوعِ، وَاقْتِنَاصُ الشَّوَارِدِ بِالِاقْتِبَاسِ مِنْ الْمَوَارِدِ، وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَمْثَالِ مِنْ صَنْعَةِ الرِّجَالِ، وَبِالْوُقُوفِ عَلَى الْمَآخِذِ يُعَضُّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ.
وَقَدْ جَرَى عَلَى الْوَعْدِ فِي مَبْدَإِ بِدَايَةِ الْمُبْتَدِي أَنْ أَشْرَحَهَا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى شَرْحًا أَرْسُمُهُ بِكِفَايَةِ الْمُنْتَهِي، فَشَرَعْت فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالظَّنِّ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَقَدْ قَرَّرْنَا شُرُوطَهُ وَحُكْمَهُ فِي التَّقْرِيرِ.
وَقَوْلُهُ (مُسْتَرْشِدِينَ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يَسْلُكُونَ. وَأَرَادَ بِأَوَائِلِ الْمُسْتَنْبِطِينَ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - بِدَلِيلِ قَوْلِهِ حَتَّى وَضَعُوا مَسَائِلَ مِنْ كُلِّ جَلِيٍّ وَدَقِيقٍ، فَإِنَّهُمْ الَّذِينَ تَوَلَّوْا تَمْهِيدًا قَوَاعِدَ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَبْيِينَهَا، وَالْمُرَادُ بِالْجَلِيِّ الْمَسَائِلُ الْقِيَاسِيَّةُ لِظُهُورِ إدْرَاكِهَا غَالِبًا، وَبِالدَّقِيقِ الْمَسَائِلُ الِاسْتِحْسَانِيّة لِخَفَاءِ إدْرَاكِهَا، قِيلَ مَا وَضَعَهُ أَصْحَابُنَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ هُوَ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَةُ أَلْفٍ وَسَبْعُونَ أَلْفًا وَنَيِّفُ مَسْأَلَةٍ.
وَقَوْلُهُ (غَيْرَ أَنَّ الْحَوَادِثَ) مَنْصُوبٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى وَضَعُوا، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَ أَوَائِلُ الْمُسْتَنْبِطِينَ وَضَعُوا مَسَائِلَ مِنْ كُلِّ جَلِيٍّ وَدَقِيقٍ فَأَيُّ حَاجَةٍ تَدْعُو إلَى الِاسْتِنْبَاطِ وَالتَّصْنِيفِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ وَإِنْ وَضَعُوا ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْحَوَادِثَ (مُتَعَاقِبَةُ الْوُقُوعِ، وَالنَّوَازِلَ) أَيْ الْوَاقِعَاتِ (يَضِيقُ عَنْهَا نِطَاقُ الْمَوْضُوعِ) وَالنِّطَاقُ هُوَ الْمِنْطَقَةُ اُسْتُعِيرَ هُنَا لِلْأَجْوِبَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ السَّلَفِ فِي الْفَتَاوَى، وَالِاقْتِنَاصُ الِاصْطِيَادُ، وَالشَّوَارِدُ جَمْعُ شَارِدَةٍ وَهِيَ الْآبِدَةُ، الْقَبَسُ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ، يُقَالُ اقْتَبَسْت مِنْهُ نَارًا وَاقْتَبَسْت مِنْهُ عِلْمًا: أَيْ اسْتَفَدْته، وَالْمَوَارِدُ جَمْعُ الْمَوْرِدِ، اسْتَعَارَ الشَّوَارِدَ لِلْأَحْكَامِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنْ الْأُصُولِ بِالِاسْتِنْبَاطِ بِجَامِعِ عُسْرِ الْوُصُولِ إلَى الْمَقْصُودِ، وَاسْتَعَارَ الْمَوَارِدَ لِلْأُصُولِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مَحَلُّ الْوُصُولِ: يَعْنِي كَمَا أَنَّ اصْطِيَادَ الصُّيُودِ النَّافِرَةِ مِنْ مَوَارِدِهَا وَمَنَاهِلِهَا فَكَذَا اصْطِيَادُ الْحَوَادِثِ الْفِقْهِيَّةِ مِنْ الْأُصُولِ: أَيْ الْكِتَابِ وَالسَّنَةِ وَالْإِجْمَاعِ بِالِاعْتِبَارِ، وَبَيَّنَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لَيْسَ صَنْعَةَ كُلِّ أَحَدٍ بَلْ مِنْ صَنْعَةِ الرِّجَالِ الْكَامِلِينَ فِي الرُّجُولِيَّةِ. وَقَوْلُهُ (بِالْوُقُوفِ عَلَى الْمَآخِذِ) خَبَرٌ ثَانٍ لِقَوْلِهِ وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَمْثَالِ.
وَقَوْلُهُ (يَعَضُّ عَلَيْهَا) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ وَمَعْنَاهُ: وَقِيَاسُ الْأَحْكَامِ عَلَى نَظَائِرِهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ صَنْعَةِ الْكُمَّلِ مِنْ الرِّجَالِ وَهُوَ بِالْوُقُوفِ عَلَى الْمَآخِذِ حَالَ كَوْنِهَا يَعَضُّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ: يَعْنِي إذَا كَانَ الْوُقُوفُ بِإِحْكَامٍ وَإِتْقَانٍ، ثُمَّ قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْحَوَادِثَ إلَخْ اعْتِذَارٌ عَنْ الشُّرُوعِ فِي التَّصْنِيفِ.
وَقَوْلُهُ (وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَمْثَالِ) إنْ كَانَ ذِكْرُهُ هَضْمًا لِنَفْسِهِ عَنْ مَرْتَبَةِ التَّصْنِيفِ كَانَ مَعْنَاهُ وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَمْثَالِ مِنْ صَنْعَةِ الرِّجَالِ وَبِالْوُقُوفِ الْمُحْكَمِ الْمُتْقَنِ عَلَى الْمَآخِذِ وَلَسْت مِنْهُمْ وَلَا حَصَلَ لِي وَلَكِنْ كَانَ قَدْ جَرَى عَلَيَّ الْوَعْدُ فِي مَبْدَإِ بِدَايَةِ الْمُبْتَدِي أَنْ أَشْرَحَهَا شَرْحًا أَرْسُمُهُ بِكِفَايَةِ الْمُنْتَهَى فَشَرَعْت فِيهِ حَالَ كَوْنِ الْوَعْدِ يَسُوغُ بَعْضَ الْمَسَاغِ لِئَلَّا أَكُونَ مِمَّنْ إذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِنَّمَا قَالَ بَعْضَ الْمَسَاغِ لِأَنَّ الْوَعْدَ بِالتَّبَرُّعِ غَيْرُ مُوجِبٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَوِّزٌ حِينًا، وَإِلَى

اسم الکتاب : العناية شرح الهداية المؤلف : البابرتي    الجزء : 1  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست